للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال. ونجواهم وهي ما تكلموا به فيما بينهم على سبيل الخفية أيضا.

ثم أكد علمه بأن حفظة الأعمال يكتبونه، ثم برهن على نفي الولد عن نفسه فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ وهذه قضية شرطية جزآها ممتنعان إلا أن الملازمة صادقة نظيره قولك: إن كانت الخمسة زوجا فهي منقسمة بمتساويين.

وهذا على سبيل الفرض والتقدير، وبيان الملازمة أن الولد يجب محبته وخدمته لرضا الوالد وتعظيمه، فلو كان المقدم حاصلا في الواقع لزم وقوع التالي عادة وإنما ادعى أوليته في العبادة لأن النبي متقدم في كل حكم على أمته خصوصا فيما يتعلق بالأصول كتعظيم المعبود وتنزيهه، لكن التالي غير واقع فكذا المقدم وهذا الكلام ظاهر الإلزام، واضح الإفحام، قريب من الأفهام، لا حاجة فيه إلى تقريب المرام. وأما المفسرون الظاهريون لا دراية لهم بالمعقول فقد ذكروا فيه وجوها متكلفة منها: إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول الموحدين لله. ومنها إن كان له ولد في زعمكم فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد. يقال: عبد بالكسر يعبد بالفتح إذا اشتد أنفه. ومنها جعل «إن» نافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك، ووحد ثم نزه نفسه عما لا يليق بذاته، ثم أمر نبيه أن يتركهم في باطلهم واللعب بدنياهم حتى يلاقوا القيامة. ثم مدح ذاته بقوله وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ أي معبود كما مر في قوله وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ [الأنعام: ٣] والتقدير وهو الذي هو في السماء إله إلا أنه حذف الراجع لطول الكلام. ثم أبطل قول الكفرة إن الأصنام تنفعهم. وقوله إِلَّا مَنْ شَهِدَ استثناء منقطع أي لكن من شهد بالتوحيد عن علم وبصيرة هو الذي يملك الشفاعة، ويجوز أن يكون متصلا لأن من جملة من يدعونهم الملائكة وعيسى وعزيزا. وجوز أن تكون اللام محذوفة لأن الشفاعة تقتضي مشفوعا له أي لمن شهد بالحق وهم المؤمنون قال بعض العلماء وَهُمْ يَعْلَمُونَ دلالة على أن إيمان المقلد وشهادته غير معتبر. ثم كرر ما ذكر في أول السورة قائلا وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ والغرض التعجيب من حالهم أنهم يعترفون بالصانع ثم يجعلون له أندادا. وقيل:

الضمير في سَأَلْتَهُمْ للمعبودين. من قرأ وَقِيلِهِ بالنصب فعن الأخفش أنه معطوف على سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ أو المراد وقال قيله أي قوله، والضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره بالكناية في قوله قُلْ إِنْ كانَ وعن أبي علي أنه يعود إلى عيسى، وفيه تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم.

ويحتمل أن يكون النصب بالعطف على محل الساعة أي وعنده علم الساعة وعلم قيله كقراءة من قرأ بالجر. ثم سلى نبيه صلى الله عليه وسلم بأعمال الخلق الحسن معهم إلى أوان النصر وهو ظاهر والله أعلم بالتوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>