للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال كونهم نطفا. ويحتمل أن يراد إن هي أي الصفة أو النهاية أو الحالة أو العاقبة إلا الموتة الأولى، وليست إثباتا لموتة ثانية إنما هو كقولك: حج فلان الحجة الأولى، ومات وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ أنشر الله الموتى أحياهم فَأْتُوا أيها النبي والذين آمنوا معه بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

يروى أنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله لهم إحياء الموتى فينشر كبيرهم قصي بن كلاب ليشاوروه في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة البعث،

فلم يجبهم الله تعالى إلى ذلك ولكنه أوعدهم بقوله أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ أي ليسوا بخير منهم في العدد والعز والمنعة. ابن عباس: تبع نبي.

أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا أدري تبع نبيا كان أم غير نبي»

رواه الثعلبي عن عائشة كان رجلا صالحا ذم الله قومه ولم يذمه. وإنما خصهم بالذكر لقربهم من العرب زمانا ومكانا. وعن سعيد بن جبير كسا البيت. وقال قتادة: كان من حمير سار فبنى الحيرة وسمرقند. وقال أبو عبيدة: هم ملوك اليمن يسمى كل واحد منهم تبعا لكثرة تبعه، أو لأنه يتبع صاحبه وهو بمنزلة الخليفة للمسلمين، وكسرى للفرس، وقيصر للروم، وجمعه تبابعة، وكان يكتب إذا كتب بسم الذي ملك برا وبحرا. ثم برهن على صحة البعث بقوله وما خَلَقْناهُما إلى آخره، وقد مر في «الأنبياء» وفي «ص» نظيره.

وإنما جمع السموات هاهنا لموافقة قوله في أول السورة رَبِّ السَّماواتِ وسمى يوم القيامة يوم الفصل لأنه يفصل بين عباده في الحكم والقضاء، أو يفصل بين أهل الجنة وأهل النار، أو يفصل بين المؤمنين وبين ما يكرهون وللكافرين بينهم وبين ما يشتهونه فيفصل بين الوالد وولده والرجل وزوجته والمرء وخليله. والمولى في الآية يحتمل الولي والناصر والمعين وابن العم، والمراد أن أحدا منهم بأي معنى فرض لا يتوقع منه النصرة.

والضمير في لا هُمْ يُنْصَرُونَ للمولى الثاني لأنه جمع في المعنى لعمومه وشياعه. وقوله إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ في محل الرفع على البدل أو في محل النصب على الاستثناء إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب على من عصى الرَّحِيمُ لمن أطاع. ثم أراد أن يختم السورة بوعيد الفجار ووعد الأبرار فقال إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ وقد مر تفسيرها في الصافات. والْأَثِيمِ مبالغة الآثم ولهذا يمكن أن يقال: إنه مخصوص بالكافر. والمهل دردي الزيت وقد مر في «الكهف» . ولعل وجه التشبيه هو بشاعة الطعم كما أن الوجه في قوله طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصافات: ٦٥] هو كراهة المنظر ثم وصفه بشدة الحرارة قائلا يَغْلِي إلى آخره. ثم أخبر أنه سبحانه يقول للزبانية خُذُوهُ أي خذوا الأثيم فَاعْتِلُوهُ جروه بعنف وغلظة كأن يؤخذ بتلبيبه فيجر إلى وسط النار. ومنه العتل للجافي الغليظ. وقوله مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ دون أن يقول «من الحميم» تهويل سلوك لطريق الاستعارة لأنه إذا صب عليه الحميم فقد صب عليه عذابه وشدته.

يروي أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين

<<  <  ج: ص:  >  >>