بالاتفاق. أما الذي يتلفه العادل على الباغي وبالعكس في غير القتال فمضمون على القاعدة الممهدة في قصاص النفوس وغرامة الأموال، وأما في القتال فلا يضمن العادل لأنه مأمور بالقتال ولا الباغي على الأصح، لأن في الوقائع التي جرت في عصر الصحابة والتابعين لم يطلب بعضهم بعضا بضمان نفس ومال، ولأنه لو وجبت الغرامة لنفرهم ذلك عن العود إلى الطاعة. والأموال المأخوذة في القتال تردّ بعد انقضاء الحرب إلى أربابها من الجانبين.
والمراد من متلف القتال ما يتلف بسبب القتال ويتولد منه هلاكه حتى لو فرض إتلاف في القتال من غير ضرورة القتال كان كالإتلاف في غير القتال، والذين لهم تأويل بلا شوكة لزمهم ضمان ما أتلفوا من نفس ومال وإن كان على صورة القتال، وحكمهم حكم قطاع الطريق إذا قاتلوا، ولو أسقطنا الضمان لأبدت كل شرذمة من أهل الفساد تأويلا وفعلت ما شاءت وفي ذلك إبطال السياسات، ولهذه النكتة قرن بالإصلاح. والثاني قوله بِالْعَدْلِ لأن تضمين الأنفس والأموال يحتاج فيه إلى سلوك سبيل العدل والنصفة لئلا يؤدي إلى ثوران الفتنة مرة أخرى. واحتج الشافعي لوجوب الضمان إذا لم يكن قتال بأن ابن ملجم قتل عليا رضي الله عنه زاعما أن له شبهة وتأويلا فأمر بحبسه وقال لهم: إن قتلتم فلا تمثلوا به فقتله الحسن بن علي رضي الله عنه وما أنكر عليه أحد. وأما الذين لهم شوكة ولا تأويل فالظاهر عند بعضهم نفي الضمان وعند آخرين الوجوب. وأما كيفية قتال الباغين فإن أمكن الأسر لم يقتلوا، وإن أمكن الإثخان فلا يذفف عليه كدفع الصائل إلا إذا التحم القتال وتعسر الضبط. قوله وَأَقْسِطُوا أمر باستعمال القسط على طريق العموم بعد ما أمر به في إصلاح ذات البين. قال أهل اللغة: القسط بالفتح والسكون الجور من القسط بفتحتين وهو اعوجاج في الرجلين. وعود قاسط يابس، والقسط بالكسر العدل والهمزة في أقسط للسلب أي أزال القسط وهو الجور. وحين بين إصلاح الخلل الواقع بين الطائفتين أراد أن يبين الخلل الواقع بين اثنين بالتشاتم والسباب ونحو ذلك فقال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ أي حالهم لا يعدو الأخوة الدينية إلى ما يضادّها فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ بإيصال المظلوم إلى حقه وبدفع إثم الظلم عن الظالم. والتثنية بحسب الأغلب، ويحتمل أن يقال: إنه شامل لما دون الطائفتين.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح إلا بإذنه ولا يؤذيه بقتار قدره ثم قال احفظوا ولا يحفظ منكم إلا قليل»
وَاتَّقُوا اللَّهَ في سائر الأبواب راجين أن يرحمكم ربكم.
ثم شرع في تأديبات أخر. والقوم الرجال خاصة لقيامهم على الأمور.
قال جمهور المفسرين: إن ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنيه وقر وكان إذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم