إذا أوقعه في الشك مع التهمة أي ثم لم يقع في قلوبهم شك فيما آمنوا به ولا اتهام لمن صدّقوه وذلك بتشكيك بعض شياطين الجن والإنس. وقال جار الله: وجه آخر لما كان زوال الريب ملاك الإيمان أفرد بالذكر بعد تقدم الإيمان تنبيها على مزيته وإشعارا بأنهم مستقرون على ذلك في الأزمنة المتطاولة غضا جديدا. وفي قوله أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ تعريض بأن المذكورين أولا كاذبون ولهذا قال قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا إشارة إلى كذبهم في دعواهم ورب تعريض لا يقاومه التصريح. ثم أراد تجهيلهم بقوله قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ والباء قيل للسببية والأظهر أنه الذي في قولهم ما علمت بقدومك أي ما شعرت ولا أحطت به. وذكر في أسباب النزول أنه لما نزلت الآية الأولى جاءت هؤلاء الأعراب وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت هذه الآية. والاستفهام للتوبيخ أي كيف تعلمونه بعقيدتكم وهو عالم بكل خافية والتعليم إفادة العلم على التدريج والمعالجة؟ وقيل:
تعريض من لا يعلم بإفهام المعنى لأن يعلم قوله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ نزلت في المذكورين وفي أمثالهم. يقال: منّ عليه صنعه إذا اعتدّه عليه منة وإنعاما. قال أهل العربية: اشتقاق المنة من المن الذي هو القطع لأنه إنما يسدي النعمة إليه ليقطع بها حاجته لا غير من غير أن يعمل لطلب مثوبة وعوض. ثم قال بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ حيث هداكم للإيمان الذي ادّعيتموه. وفي إضافة الإسلام إليهم ازدراء بإسلامهم، وفي إيراد الإيمان مطلقا غير مضاف إشارة إلى الإيمان المعهود الذي يجب أن يكون المكلف عليه. وجواب الشرط محذوف أي إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في ادعاء الإيمان الحقيقي فلله المنة عليكم. ثم عرض بأنهم غير صادقين فقال إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الآية والمراد أنه لا يخفي عليه ضمائرهم والله أعلم بالصواب.