للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهره أنه مبتدأ خبره أَلْحَقْنا قال جار الله: هو معطوف على بِحُورٍ عِينٍ أي قرناهم بحور عين والذين آمنوا من رفقائهم وجلسائهم وأتبعناهم ذرياتهم كي يجتمع لهم أنواع السرور بملاعبة الحور وبمؤانسة الإخوان المؤمنين وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم. وقوله بِإِيمانٍ أي بسبب إيمان عظيم رفيع المحل وهو إيمان الآباء. أَلْحَقْنا بدرجاتهم ذُرِّيَّتُهُمْ ويجوز أن يراد إيمان الذرية الداني المحل كما

جاء في الحديث «إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقر بهم عينه ثم تلا هذه الآية»

وَما أَلَتْناهُمْ اي وما نقصنا من ثوابهم شيئا بعطية الأبناء ولا بسبب غيرها ولكن وفرنا عليهم جميع ما ذكرنا تفضلا وإحسانا. ثم بين أن الجزاء بمقدار العمل فقال كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ أي مرهون. قال جار الله: كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به كما يرهن الرجل عبده بدين عليه. فإن عمل صالحا فكها وخلصها وإلا أوبقها. وقيل: هذا يعود إلى الكفار. والرهين المرهون المأخوذ المحبس على أمر يؤدي عنه. وقيل: بمعنى راهن وهو المقيم أي كل إنسان مقيم في جزاء ما يقدم. وَأَمْدَدْناهُمْ وزدناهم وقتا بعد وقت يَتَنازَعُونَ يتعاطون هم وقرناؤهم لا لَغْوٌ فِيها أي لا حديث باطل في أثناء شربها. ونفى اللغو لانتفاء الغول الذي هو من تعاكسيه وَلا تَأْثِيمٌ أي لا يفعلون ما ينسب صاحبه إلى الإثم لو فعله في دار التكليف، وإنما يتكلمون بالكلام الحسن المفيد وذلك أنهم حكماء علماء. والغلمان الخدام المختصون بهم، واللؤلؤ المكنون المستور في الصدف أو في الدرج وذلك أنه أصفى وأرطب وأثمن.

وقيل لقتادة: هذا هو الخادم فكيف المخدوم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»

وعنه صلى الله عليه وسلم «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك»

يَتَساءَلُونَ يتحادثون مُشْفِقِينَ أرقاء القلوب من خشية الله وعذاب السموم عذاب النار لأنها تدخل المسام ومنه الريح السموم مِنْ قَبْلُ أي في الدنيا فَذَكِّرْ فاثبت على ما أنت عليه من التذكير والدعوة العامة فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ أي بسبب حمد الله وإنعامه عليك بِكاهِنٍ كما يزعمون وَلا مَجْنُونٍ فلعله كان لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوال، فبعضهم ينسبونه إلى الكهانة نظرا إلى إخباره عن المغيبات، وبعضهم يرمونه بالجنون حيث لا يسمعون منه ما يوافق هواهم ويطابق مغزاهم، وبعضهم يرون أن تأثير كلامه فيهم من باب التخييل لا الإعجاز كما قال أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ وهو ما يقلق النفوس ويزعجها من حوادث الدهر، وقيل: المنون الموت «فعول» من منه إذا قطعه لأن الموت قطوع ولذلك سمي شعوب. وقد قالوا: ننتظر به نوائب الزمان فيهلك كما هلك الشعراء قبله. والأحلام العقول وكانت قريش يدعون

<<  <  ج: ص:  >  >>