للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحف وقيل: هو ابتداء كلام، والخطاب لكل سامع ولرسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: ٦٥] والمراد أنه لم يبق فيها إمكان الشك، وقد عد نعما ونقما وجعل كلها آلاء لأن النقم أيضا نعم إن أراد أن يعتبر. ويحتمل أن يقال لما عد نعمه على الإنسان من خلقه وإغنائه وإقنائه. ثم ذكر أنه أهلك من كفر بها، وبخ الإنسان على جحد شيء من نعمه فيصيبه مثل ما أصاب المتمارين: أو يقال: لما حكى الإهلاك قال للشاك: أنت ما أصابك الذي أصابهم وذلك بحفظ الله إياك فبأي آلاء ربك تتمارى وسيجيء له مزيد بيان في سورة الرحمن هذا القرآن أو الرسول نَذِيرٌ أي إنذار أو منذر من جنس الإنذارات أو المنذرين. وقال الْأُولى على تأويل الجماعة. وحين فرغ من بيان التوحيد والرسالة ختم السورة بذكر اقتراب الحشر فقال أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت الموصوفة بالقرب في قوله اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ [الأنبياء: ١] وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى: ١٧] وفيه تنبيه على أن قرب الساعة يزداد كل يوم وأنها تكاد تقوم لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ نفس كاشِفَةٌ للتأنيث كما مر، أو للمبالغة أي لا أحد يكشف حقيقتها، أو هي مصدر كالعافية، و «من» زائدة والتقدير ليس لها كاشفة دون الله، ويحتمل أن يراد ليس لها في الوجود نفس تكشف عنها من غير الله بل إنما يكشفها من عند الله ومن قبل علمه وإخباره. ثم وبخهم على التعجب من القرآن ومن حديث القيامة وضحكهم من استهزاء وإنكارا. وفي قوله وَلا تَبْكُونَ إلى آخره تنبيه على أن البكاء والخشوع وحضور القلب حق عليهم عند سماع القرآن كما قال إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا [مريم: ٥٧] والسمود الغفلة وقد يكون مع اللهو. وعن مجاهد: كانوا يمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم غضابا مبرطمين. وقال:

البرطمة الإعراض ثم إنهم كانوا أنصفوا من أنفسهم وقالوا: لا نعجب ولا نضحك ولا نسمد بل نبكي ونخشع فلا جرم قال فَاسْجُدُوا أي إذا اعترفتم لله بالعبودية فاخضعوا له وأقيموا وظائف العبادة. وقد مر في سورة الحج في قوله أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [الآية: ٥٢]

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه السورة في الصلاة ثم سجد فسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس

وذكرنا سببه.

<<  <  ج: ص:  >  >>