للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة: اللؤلؤ الدر، والمرجان ما صغر منه. وعن مقاتل: بالضد. ويشبه أن يكون اللؤلؤ هذا الجنس المعروف والمرجان البسذ. يقال: إنه ينبت في بحر الروم والإفرنج كالشجر وهو الفصل المشترك بين المعدن والنبات، والجواري السفن الجارية حذف الموصوف للعلم به. ومن قرأ الْمُنْشَآتُ بفتح الشين فمعناها المرفوعات الشرع والتي رفع خشبها بعضها على بعض وركب حتى ارتفعت. والقارئ بالكسر أراد الرافعات الشرع أو اللائي يبتدئن في السير أو ينشئن الأمواج بجريهن، والأعلام الجبال الطوال شبههن في البحر بالجبال في البر. والضمير في عَلَيْها للأرض بدلالة المقال أو الحال. والوجه عبارة عن الذات كما مر في تفسير البسملة وفي قوله كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٨٨] وقوله ذُو صفة للوجه وهو على القياس. وفيه دلالة على أن الوجه والرب ذات واحد بخلاف قوله في آخر السورة تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ فإن الاسم غير المسمى في الأصح فلهذا قال ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ومعناه ذو النعمة والتعظيم كما سبق في البسملة. والنعمة في فناء ما على الأرض هو مجيء وقت الجزاء يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة وَمن في الْأَرْضِ من الثقلين الملائكة لمصالح الدارين والثقلان لمصالح الدارين. وعن مقاتل: يسأل أهل الأرض الرزق والمغفرة وتسأل الملائكة أيضا الرزق والمغفرة للناس كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك الشأن فقال: من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين.

قلت: هذا التفسير يطابق ما مر في الحكمة. وما ذكرنا في الكتاب مرارا من أن القضاء هو الحكم الكلي الواقع في الأزل، والقدر هو صدور تلك الأحكام في أزمنتها المقدرة. فبالاعتبار الأول

قال «جف القلم بما هو كائن» «١»

وبالاعتبار الثاني قال: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وهذا بالنسبة إلى المقضيات ولا تغير في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وبالجملة إنها شؤون يبديها لا شؤون يبتديها. وروى الواحدي في البسيط عن ابن عباس: إن مما خلق الله عز وجل لوحا من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور وكتابه نور، ينظر الله فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء. وحين بين أن كل زمان مقدر لأجل شأن قال سَنَفْرُغُ لَكُمْ قال أهل البيان: هو مستعار من قول الرجل لمن يتهدده «سأفرغ لك» .

والمراد تجرد داعيته للإيقاع به من النكاية فيه. والمراد شؤونه ستنتهي إلى شأن الجزاء


(١)
رواه البخاري في كتاب النكاح باب ٨ النسائي في كتاب النكاح باب ٤ بلفظ «قد جف القلم بما أنت لاق»

<<  <  ج: ص:  >  >>