للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤمن كان على الدين الواضح فهداه الله للطريق السوي إلى الجنة. ومنهم من قال: هو في شخصين فقال مقاتل: أبو جهل والنبي صلى الله عليه وسلم وقال عطاء عن ابن عباس: أبو جهل وحمزة بن عبد المطلب. وعن عكرمة: أبو جهل وعمار بن ياسر. والأصح التعميم وإن كان السبب خاصا. البرهان الثاني ابتداء خلق الإنسان وتبيين جوارحه. وفي قوله قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ إشارة إلى أنه أعطاهم هذه القوى الشريفة ولكنهم ضيعوها في غير ما خلقت لأجله. البرهان الثالث ذرء الناس ونشرهم فِي الْأَرْضِ ثم أشار إلى المعاد بقوله وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ لأن القادر على البدء أقدر على الإعادة وقد مر نظير الآيتين في سورة «المؤمنين» . وحين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخوفهم بعذاب الله حكى عن الكفار أنهم طالبوه بتعيين الوقت. قال أبو مسلم:

المراد كانوا يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ يعني العذاب النازل بعاد وثمود وغيرهما لقوله بعد ذلك فَلَمَّا رَأَوْهُ ومن حمل اللفظ على المستقبل وفسر الوعد بالقيامة كان قوله فَلَمَّا رَأَوْهُ من قبيل وَسِيقَ [الزمر: ٧٢] وأجابهم الله بقوله قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ العلم بوقوعه حاصل عندي وكان كافيا الإنذار والتحذير، وأما العلم بوقته فليس إلا لله ولا حاجة في النذارة إلى ذلك. والضمير في رَأَوْهُ للوعيد في الدنيا أو في الآخرة والزلفة القرب. قال الحسن: أراد عيانا لأن ما قرب من الإنسان رآه معاينة. وقال في الكشاف: انتصابها على الحال أو الظرف أي رأوه ذا زلفة أو مكانا ذا زلفة. قوله سِيئَتْ قال ابن عباس: اسودت وعلتها الكآبة والقترة كوجه من يقاد إلى القتل. وقال الزجاج: تبين فيها السوء وهذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا بمعنى القبح أو التقبيح. قوله وَقِيلَ هذَا الَّذِي الأكثرون على أن القائلين هم الزبانية. وقال آخرون: بل يقول بعضهم لبعض.

وتَدَّعُونَ تفعلون من الدعاء أي تتمنون وتستعجلون به ويؤيده قراءة من قرأ بالتخفيف.

وقيل: هو من الدعوى أي كنتم بسببه تدعون أنكم لا تبعثون وكنتم ببطلانه مدعين. وقيل:

استفهام على سبيل الإنكار والمعنى، أهذا ما ادعيتموه لا بل كنتم بسببه تدعون عدمه. يروى أن كفار مكة كانوا يدعون على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين. بالهلاك ويتربصون بهم الدوائر فأمر الله بنوعين من الجواب الأول. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ كما تتمنون فننقلب إلى الجنة أَوْ رَحِمَنا بالنصرة وإمهال المدة كما نرجو فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ النار فنحن متربصون لإحدى الحسنيين وأنتم هالكون بالهلاك الذي لا هلاك بعده، وإن أهلكنا الله بالموت فمن يخلصكم من النار بعد موت هداتكم؟ وإن رحمنا بالإمهال والغلبة عليكم فمن ينجيكم من العذاب فإن المقتول على أيدينا هالك؟ وإن أهلكنا الله في الآخرة بذنوبنا ونحن له مسلمون فأي خلاص ومناص للكافرين؟ وإن رحمنا

<<  <  ج: ص:  >  >>