آت بجميع المعاصي الممكنة الجمع. قال جار الله: حَتَّى إِذا متعلق بقوله يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أي يتظاهرون عليه بالعداوة إلى يوم بدر أو إلى يوم القيامة حين يعلم يقينا أن الكافر أضعف الفريقين. وجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار واستقلالهم لعدده كأنه قال: لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا رأوا. ثم أمره بأن يفوّض علم تعيين الساعة إلى الله لأنه عالم الغيب ومِنْ رَسُولٍ بيان لِمَنِ ارْتَضى وفيه أن الإنسان المرتضى للنبوة قد يطلعه الله تعالى على بعض غيوبه، وعلم الكهنة والمنجمين ظن وتخمين فلا يدخل فيه، وعلم الأولياء إلهامي لا يقوى قوة علم الأنبياء كنور القمر بالنسبة إلى ضياء الشمس. وهاهنا أسرار لا أحب إظهارها فلنرجع إلى التفسير. قوله فَإِنَّهُ يَسْلُكُ الأكثرون على أن الضمير لله سبحانه. وسلك بمعنى أسلك. رَصَداً مفعول أي يدخل الله من أمام المرتضى وورائه حفظة يحرسونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك. وفي الكلام إضمار التقدير. إلا من ارتضى من رسول فإنه يطلعه على غيبه بطريق الوحي ثم يسلك. وقيل: الضمير للمرتضى وسلك بمعنى سار وفاعله الملائكة ورَصَداً حال. قال في الكواشي: ثم بين غاية الإظهار والسلك فقال لِيَعْلَمَ أي ليظهر معلوم الله كما هو الواقع من غير زيادة ولا نقص، ومثل هذا التركيب قد مر مرارا. قال قتادة ومقاتل: أي ليعلم محمد أن قد أبلغ جبرائيل ومن معه من الملائكة الوحي بلا تحريف وتغيير. وقوله مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مع قوله أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا كقوله فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ من الحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى. ثم ما ذكرنا وهو أن المراد بالعلم هو الظهور بقوله وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ من الحكم والشرائع أي وقد أحاط قبل به. ثم عمم العلم فقال وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ من ورق الأشجار وزبد البحار وقطر الأمطار. وعَدَداً مصدر في معنى الإحصاء أو حال أي ضبط كل شيء معدودا محصورا أو تمييز والله أعلم.