يُفَجِّرُونَها يجرونها حيث شاؤا من منازلهم تَفْجِيراً سهلا «قال مؤلف الكتاب» : لا يبعد أن يكون الخمر عبارة عن العلوم اللدنية الحاصلة بالذوق والمكاشفة. والكافور عبارة عن المعارف الحاصلة بواسطة البدنية، ومزاجها تركيبها على الوجه الموصل إلى تحصيل لذات وكمالات أخر، وتفجرها إشارة إلى اتصالها إلى أهلها من النفوس المستعدة لذلك. قال أهل النظم: حين وصف سعادة الأبرار كان لسائل أن يسأل: ما لهم يرزقون ذلك؟ فأجاب بقوله يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وفيه أن الذي وفى بما أوجبه على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى. ذكر الواحدي في البسيط والزمخشري في الكشاف وكذا الإمامية أطبقوا على أن السورة نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما في هذه الآي.
يروى عن ابن عباس أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه فقال: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن أبرأهما الله يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهما شيء، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير فطحنت فاطمة منها صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم يا أهل محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما. فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه. ووقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك. فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم. وقام وانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد لصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فاقرأه السورة.
ويروى أن السائل في الليالي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه.
ووصفهم الله سبحانه بالخوف من أهوال القيامة في موضعين أولا في قوله وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً أي مكروهه مستطيرا فاشيا منتشرا من استطار الحريق، ومنه الفجر المستطير وأصله من طار. والغرض أنه تسع مكاره ذلك اليوم جميع المكلفين حتى الأنبياء يقولون: نفسي
إلا نبينا محمد فإنه يقول «أمتي أمتي»
والسموات يتفطرن والكواكب ينتثرن إلى غير ذلك من المكاره والأهوال.
ولا ينافي هذا أمن المسلمين في الآخرة على ما قال لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الأنبياء:
١٠٣] وثانيا في قوله إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً وإذا كان حال أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو حال الأبرار على العموم في الخوف من الله إلى هذه الغاية فغيرهم أولى بالخوف. وأما الضمير في حُبِّهِ فللطعام أي مع اشتهائه والحاجة إليه كقوله لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا