سيئة مثلها أي موافقة لها. وأما هاهنا فالمراد ثواب المؤمنين وليس ذلك بتقدير العمل فقط ولكن بمقدار ما يكفيه. ثم مدح نفسه بقوله رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ وقد تقدّم إعرابه في الوقوف. والضمير في لا يَمْلِكُونَ قيل للكافرين نقله عطاء عن ابن عباس، يريد لا يخاطب المشركون الله، وأما المؤمنون فيشفعون ويقبل الله ذلك منهم. وقيل للمؤمنين لأن ذكرهم أقرب من ذكر الكفار، والمراد أنه ما تحيف حقهم فبأي سبب يخاطبونه. والأكثرون على أن الضمير لأهل السموات والأرض فإن أحدا من المخلوقين لا يملك خطابا من جهة الله إذ كل من هو سواه فهو مملوكه، والمملوك لا يملك من جهة مالكه شيئا وإلا لم يكن للمالك كمال الملك. وقالت المعتزلة: إنه عالم بقبح القبيح غني عن فعله وعالم بغناه فلا يفعل إلا الحسن وحينئذ لا وجه للمطالبة والمخاطبة. ثم أكد المعنى المذكور بقوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وهو أعظم المخلوقات قدرا كما مرّ في سورة سبحان في تفسير قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء: ٨٥] والصف مصدر في الأصل لا يثنى ولا يجمع غالبا فلهذا جاز أن يكون المراد أنهم يقومون صف من الروح وحده ومن الملائكة بأسرهم صف، وجاز أن يكون يراد يقوم الكل صفا واحدا أو يقومون صفوفا لقوله وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر: ٢٢] ثم بين أنهم مع جلالة قدرهم لا يتكلمون إلا بشرطين: أحدهما الإذن من الله، والضمير في لَهُ إما للشافع أو للمشفوع. والثاني أن يقول صَواباً والضمير في قالَ أيضا إما للشافع فالمراد أنهم لا ينطقون إلا بعد ورود الإذن في الكلام، ثم بعد الإذن يجتهدون حتى لا يتكلمون إلا بما هو حق وصواب. وإما للمشفوع. والقول الصواب على هذا التفسير شهادة أن لا إله إلا الله وذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ أي لا باطل فيه ولا ظلم أو هو الكائن لا محالة فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ بالطاعة إِلى رَبِّهِ مَآباً ومرجعا. والظاهر أن الضمير عائد في شاءَ إلى فَمَنْ وفيه دليل للمعتزلة. ويروى عن الخدري وابن عباس أن الضمير لله ذاباً قَرِيباً
هو عذاب الآخرة لأن ما هو آت قريب. وفي المرء أقوال: فعن عطاء أنه الكافر لتقدّم ذكر الإنذار وقوله الكافر ظاهر وضع موضع الضمير لزيادة الذم. وعن الحسن وقتادة: إنه المؤمن لمجيء ذكر الكافر بعده، ولأن المؤمن لما قدّم الخير والشر فهو منتظر لأمر الله كيف يحدث، وأما الكافر فإنه قاطع بالعذاب ومع القطع لا يحصل الانتظار. والأظهر أنه عام في كل مكلف. و «ما» استفهامية منصوبة بدَّمَتْ
أو موصولة منصوبة بنْظُرُ
فيلزم إضمار «إن» حذف العائد من قدّمته، وحذف الجار لأن الأصل أن يقال ينظر إليه. قوله نْتُ تُراباً
فيه وجوه أحدها: ليتني لم أبعث غير محشور. الثاني ما