ترجف فتخرج الأموات أحياء كالأم تلد حيا. وقيل: تلفظهم أمواتا ثم يحييهم الله تعالى.
وقيل: أثقالها أسرارها فيومئذ تكشف الأسرار ولذلك قال يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها أي تشهد لك وعليك وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها تعجبا من حالها. وقيل: والكافر لأنه كان لا يؤمن بالبعث فيقول مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا [يس: ٥٢] وأما المؤمن فيقول هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس: ٥٢] والباء في قوله بِأَنَّ رَبَّكَ إما أن تتعلق ب تُحَدِّثُ والإيحاء بمعنى الأمر أي تحدث بسبب أن ربك أمرها بالتحديث ومفعول تُحَدِّثُ محذوف أي تحدث الناس، أو متروك لأن المقصود تحديثها لا من تحدثه. وقيل: تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث بأخبارها كما تقول «نصحتني كل النصيحة بأن نصحتني في الدين» . وقيل: بدل من أَخْبارَها لأنك تقول: حدثته كذا وحدثته بكذا. وأوحى لها بمعنى أوحى إليها وهو مجاز عند صاحب الكشاف. وأبي مسلم كأنها بلسان الحال تبين لكل أحد جزاء عمله، أو تحدث أن الدنيا قد انقضت والآخرة قد أقبلت. والجمهور على أنه تعالى يجعل الأرض ذات فهم ونطق ويعرفها جميع ما عمل عليها فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصى.
وكان علي رضي الله عنه إذا فرغ بيت المال صلى فيه ركعتين ويقول:
اشهدي أني ملأتك بحق وفرغتك بحق.
وقيل: لفظ التحديث يفيد الاستئناس، فلعل الأرض تبث شكواها إلى أولياء الله وملائكته، وقالت المعتزلة: إن الله تعالى يخلق في الأرض وهي جماد أصواتا مقطعة مخصوصة فيكون المتكلم والشاهد على هذا التقدير هو الله. قوله يَصْدُرُ الصدر ضد الورود فالوارد الجائي والصادر المنصرف، أَشْتاتاً أي متفرقين جمع شت أو شتيت أي يذهبون من مخارج قبورهم إلى الموقف. فبعضهم إثر بعض راكبين مع الثياب الحسنة وبياض الوجه وينادي مناد بين يديه هذا ولي الله، وبعضهم مشاة عراة حفاة سود الوجوه مقيدين بالسلاسل والأغلال والمنادي ينادي هذا عدو الله.
وقيل: أشتاتا أي كل فريق مع شكله اليهودي مع اليهودي، والنصراني مع النصراني وقيل:
من كل قطر من أقطار الأرض ليروا صحائف أعمالهم أو جزاء أعمالهم وهو الجنة أو النار وما يناسب كلا منهما. والذرة أصغر النمل أو هي الهباءة، وعن ابن عباس إذا وضعت راحتك على الأرض ثم رفعتها فكل واحد مما لزق بها من التراب مثقال ذرة، فليس من عبد عمل خيرا أو شرا، قليلا كان أو كثيرا إلا أراه الله تعالى إياه. قال مقاتل: نزلت هذه الآية في رجلين وذلك أنه لما نزل وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ [الدهر: ٨] كان أحدهما يأتيه السائل فيسأم أن يعطيه الثمرة والكسرة والجوزة ويقول: ما هذا بشيء وإنما مؤجر على ما نعطي وكان أحدهما يتهاون بالذنب الصغير ويقول: لا شيء علي من هذا فرغب الله تعالى