فأجيب بعد تسليم أن «ما» ليست أعم بأن المراد به الصفة كأنه قيل: لا أعبد الباطل ولكن أعبد الحق، أو هي «ما» المصدرية على نحو ما مر، أو هي للطباق كقوله وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ [الشورى: ٤٠] فإن قيل: لما كان المقام مقام التأكيد والمبالغة ولهذا كرر ما كرر فلم لم يقل «لن أعبد» كما قال أصحاب الكهف لن ندعو من دونه إلها [الكهف: ١٤] قلت: إن أصحاب الكهف كانوا متهمين بعبادة الأصنام لأنه قد وجد منهم ذلك قبل أن أرشدهم الله، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن متهما بذلك قط فلم يحتج إلى المبالغة ب «لن» . ثم أوّل السورة لما اشتمل على التشديد البليغ وهو النداء بالكفر والتكرير فاشتمل آخرها على اللطف من بعض الوجوه كأنه قال: قد بالغت في منعكم من هذا الأمر القبيح فإن لم تقبلوا قولي فاتركوني سواء بسواء. قال ابن عباس: لكم كفركم بالله ولي التوحيد والإخلاص. ومن هنا ذهب بعضهم إلى أن السورة منسوخة بآية القتال. والمحققون على أنه لا نسخ بل المراد التهديد كقوله اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: ٤٠] وقيل: الدين الجزاء. وقيل: المضاف محذوف أي لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني. وقيل: الدين العبادة.