للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الإضمار أي ذكاة الجنين كذكاة أمه وردّ بأن الإضمار خلاف الأصل، وبأنه إذا خرج لا يسمى جنينا، وبأنه لا يبقى للخبر حينئذ فائدة، لأن ذلك معلوم، ولما

روي عن أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجنين يخرج ميتا قال: «إن شئتم فكلوه فإن ذكاته ذكاة أمه» «١»

وكشعر الميتة وصوفها فإنهما عند أبي حنيفة ظاهران لقوله تعالى في معرض الامتنان وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ [النحل: ٨٠]

ولقوله صلى الله عليه وسلم في شاة ميمونة «إنما حرم من الميتة أكلها» «٢»

ولأنهم كانوا يلبسون جلود الثعالب، ولأن الشعر، والصوف لا حياة فيه لأن حكم الحياة الإدراك والشعور. ومن هاهنا ذهب مالك إلى تحريم العظام دون الشعور، وعند الشافعي الشعر والعظم ونحوهما كالقرن والظفر والسن كلها نجسة

لقوله صلى الله عليه وسلم «ما أبين من حي فهو ميت»

ولأن الحياة عندنا عبارة عن كونه متعرض للفساد والتعفن، وهذا المعنى يعم الشعر واللحم. وأما الإهاب فللفقهاء فيه مذاهب سبعة. فأوسع الناس قولا الزهري. جوز استعمال الجلود بأسرها قبل الدباغ، ثم داود قال: تطهر كلها بالدباغ

لقوله صلى الله عليه وسلم «أيما إهاب دبغ فقد طهر» «٣»

ولأن الدباغ يعيد الجلد إلى ما كان عليه حال الحياة من عدم التعفن والفساد. ثم مالك يطهر ظاهر كلها دون باطنها. ثم أبو حنيفة يطهر كلها إلا جلد الخنزير لدسومته والآدمي لكرامته. ثم الشافعي يطهر الكل إلا جلد الكلب والخنزير.

ثم الأوزاعي وأبو ثور يطهر جلد ما يؤكل لحمه فقط. ثم أحمد بن حنبل والشيعة لا يطهر شيء منها بالدباغ لإطلاق الآية ولقول عبد الله بن حكيم: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. واختلف في أنه هل يجوز الانتفاع بالميتة بإطعام البازي والبهيمة؟ فمنهم من منع منه حتى قال بعضهم: إذا أقدم البازي من عند نفسه على أكل الميتة وجب علينا منعه. وجوز الشافعي استعمال نجس العين كجلد الكلب والخنزير للضرورة كمفاجأة قتال مع فقدان غيره، وكدفع الحر والبرد المهلكين، ولأجل تجليل الكلب وإن لم يكن ضرورة، وكذا استعمال جلد الميتة قبل الدباغ لتجليل الدابة والكلب، وكذا استعمال النجس العين كودك الميتة والخنزير والزبل للاستصباح


(١) رواه أبو داود في الأضاحي في باب ١٨. ابن ماجه في كتاب الذبائح باب ١٥. أحمد في مسنده (٣/ ٣١) .
(٢) رواه البخاري في كتاب الزكاة: باب ٦١. مسلم في كتاب الحيض حديث ١٠٠، ١٠١. أبو داود في كتاب اللباس باب ٣٨. الدارمي في كتاب الأضاحي باب ٢٠. الموطأ في كتاب الصيد حديث ١٦.
(٣) رواه مسلم في كتاب الحيض حديث ١٠٥. أبو داود في كتاب اللباس باب ٣٨. الترمذي في كتاب اللباس باب ٧. النسائي في كتاب الفرع باب ٤ الدارمي في كتاب الأضاحي باب ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>