المريض لو حمل نفسه على الصوم حتى أجهده فقد ما لم يرد الله منه إذ كان لا يريد العسر. وأجيب بأنا نحمل اللفظ على أنه تعالى لا يأمره بالعسر وإن كان قدير يدمنه العسر فإن الأمر عندنا قد يثبت بدون الإرادة. فكما أنه يجوز أن يأمر ولا يريد جاز أن يريد ولا يأمر. قوله وَلِتُكْمِلُوا أجمعوا على أن الفعل المعلل محذوف فيه. فعن الفراء: التقدير ولتكلموا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون. شرع جملة ما ذكره وهو الأمر بصوم العدة وتعليم كيفية القضاء والرخصة في إباحة الفطر. وهذا نوع من اللف لطيف المسلك. فقوله لِتُكْمِلُوا علة الأمر بمراعاة العدة وَلِتُكَبِّرُوا علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر. وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي إرادة أن تشكروا علة الترخيص والتيسير. وعن الزجاج: أن المحذوف فعل أمر مقدر قبله كأنه قيل: لتعلموا ما تعملون ولتكملوا. والفرق أن حذف النون في الأول للنصب وفي هذا للجزم. ولا يخفى أن قوله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يبقى في هذا الوجه غير مرتبط بما قبله إلا أن يقال: إنه في قوة «ولتشكروا» . وفيه أيضا بعد ويحتمل أن يقال وَلِتُكْمِلُوا معطوف على اليسر كأنه قيل: يريد الله بكم اليسر ويريد بكم لتكملوا كقوله يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا [الصف: ٨] وإنما قيل وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ولم يقل «ولتكملوا الشهر» ليشمل عدة أيام الشهر وعدة أيام القضاء جميعا. وعدى فعل التكبير بعلى لتضمين معنى الحمد أي ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم. والمراد بالتكبير قيل: إنه تعظيم الله تعالى والثناء عليه شكرا على ما وفق لهذه الطاعة. وتمام هذا التكبير إنما يكون بالقول والاعتقاد والعمل. فالقول أن يقر بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وينزهه عما يليق به من ند وصاحبة وولد وتشبيه بالخلق، وكل ذلك لا يعتدّ به إلا مع الاعتقاد القلبي. وأما العمل فالتعبد بالأوامر والتبعد عن النواهي. وهذا لا يختص بوقت استكمال عدة رمضان، ولكنه شامل لجميع الأحيان.
وقيل: هو تكبير الفطر وإنه مشروع في العيدين لما
روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى.
وأوّل وقته في العيدين جميعا غروب الشمس ليلة العيد. وعن أحمد ومالك أنه لا تكبير ليلة العيد وإنما يكبر في يومه.
لنا قوله تعالى وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ قال الشافعي: سمعت من أرضى به من أهل العلم بالقرآن يقول وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ أي عدة صوم رمضان وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عند إكمالها، وإكمالها بغروب الشمس آخر يوم من رمضان وأما آخر التكبير فأصح الأقوال أنهم يكبرون إلى أن يحرم الإمام بصلاة العيد، لأن الكلام مباح إلى تلك الغاية والتكبير أولى ما يقع به الاشتغال. والمسنون في صيغته أن يكبر ثلاثا نسقا وبه قال مالك.