للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الباب الذكر والأنثى ويستحب أن يذبح يوم النحر، ولو ذبح بعد ما أحرم بالحج جاز لأن التمتع قد تحقق فترتب عليه الهدي جبرا له. وكذا قبل الإحرام بالحج وبعد التحلل من العمرة على الأصح، لأنه حق مالي تعلق بسببين وهما الفراغ من العمرة والشروع في الحج. فإذا وجد أحدهما بأن إخراجه كالزكاة والكفارة. وعند أبي حنيفة لا يجوز بناء على أنه نسك كدم الأضحية فيختص بيوم النحر وبه قال مالك وأحمد. فمن لم يجد الهدي وقيس عليه ما إذا لم يجد ما يشتريه به أو بيع بثمن غال، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج.

قال الشافعي: أي بعد الإحرام بالحج لأنه تعالى جعل الحج ظرفا للصوم، ولا يصلح سائر أفعال الحج ظرفا له فلا أقل من الإحرام. وأيضا ما قبل الإحرام بالحج ليس وقتا للهدي الذي هو أصل فكذا لبدله، وقال أبو حنيفة، أي في وقت الحج وهو أشهره فجاز أن يصوم بعد الإحرام بالعمرة. وبمثله قال أحمد في رواية، وفي أخرى قال: يجوز بعد التحلل من العمرة، ولا يجوز أن يصوم شيئا منها في يوم النحر ولا في أيام التشريق كما مر في الصوم. والمستحب أن يصوم الأيام الثلاثة قبل يوم عرفة، فإن الأحب للحاج يوم عرفة أن يكون مفطرا كيلا يضعف عن الدعاء وأعمال الحج، ولم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة بل

يروى أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

ويحكى عن أبي حنيفة أن الشخص إن كان بحيث لا يضعف فالأولى أن يصوم حيازة للفضيلتين. ويعلم مما ذكرنا أنه يستحب أن يحرم بالحج قبل يوم عرفة بثلاثة أيام ليصوم فيها. وأما الواجد للهدي فالمستحب له أن يحرم يوم التروية بعد الزوال متوجها إلى منى لما

روي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توجهتم إلى منى فأهلوا بالحج» «١»

وإذا فاته صوم الأيام الثلاثة في الحج لزمه القضاء عند الشافعي لأنه صوم واجب فلا يسقط بفوات وقته كصوم رمضان، وإذا قضاها لم يلزمه دم خلافا لأحمد. وعند أبي حنيفة يسقط الصوم بالفوات ويستقر الهدي في ذمته وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ للشافعي في المراد من الرجوع قولان: أصحهما الرجوع إلى الأهل والوطن لما

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال للمتمتعين «من كان معه هدي فليهد ومن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم»

والثاني أن المراد منه الفراغ من أعمال الحج وبهذه قال أبو حنيفة وأحمد كأنه بالفراغ رجع عما كان مقبلا عليه من الأعمال. وعلى الأصح لو توطن مكة بعد فراغه من الحج صام بها، وإن لم يتوطنها لم يجز صومه بها ولا في الطريق على الأصح لأنه تقديم العبادة البدنية على وقتها. ثم إذا لم يصم الثلاثة في الحج حتى فرغ ورجع لزمه صوم العشرة عند الشافعي. وهل يجب التفريق في القضاء بين الثلاثة


(١)
رواه أحمد في مسنده (٣/ ٣١٨، ٣٧٨) بلفظ «فإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>