للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قلد أو أشعر فقد أحرم. وعن ابن عباس: إذا قلد الهدي وصاحبه يريد العمرة أو الحج فقد أحرم. وروى أبو منصور الماوردي في تفسيره عن عائشة أنها قالت: لا يحرم إلا من أهل أو لبى. وأيضا إن الحج عبادة لها تحليل وتحريم فلا يشرع فيها بنفس النية كالصلاة.

وصورة التلبية ما

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك،

ولا تكره الزيادة على هذا.

روي عن ابن عمر أنه كان يزيد فيها. لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغبى إليك والعمل.

فإن رأى شيئا يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة. ثبت ذلك عن رسول صلى الله عليه وسلم.

وفي بعض الروايات أنه قال في تلبيته: لبيك حقا تعبدا ورقا.

قال الشافعي في أصح قوليه:

الأفضل أن ينوي ويلبي حين تنبعث به راحلته إن كان راكبا، وحين يتوجه إلى الطريق إن كان ماشيا لما

روي أنه صلى الله عليه وسلم لم يهل حتى انبعثت به دابته،

قال إمام الحرمين: ليس المراد من انبعاث الدابة ثورانها، بل المراد استواؤها في صوب مكة. فإذا استوت به راحلته متوجها إلى الطريق نوى: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ولبى. وإن كان يريد القرآن نوى الحج والعمرة، وإن كان يريد العمرة نوى العمرة ولبى. والقول الثاني وبه قال أحمد ومالك وأبو حنيفة أن الأفضل أن ينوي ويلبي كما تحلل من الصلاة أي من ركعتي الإحرام وهو قاعد. ثم يأخذ في السير

لرواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي الحليفة ركعتين ثم أحرم،

وتكثير التلبية في دوام إلا حرام مستحب قائما كان أو قاعدا راكبا أو ماشيا حتى في حالة الجنابة والحيض لأنه ذكر لا إعجاز فيه فأشبه التسبيح،

قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.

قوله عز من قائل فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ من قرأ بفتح الثلاثة أو برفعها فلا إشكال، ومن قرأ برفع الأولين وفتح الأخير فقيل: لأن الأولين محمولان على معنى النهي كأنه قيل: فلا يكونن رفث ولا فسوق، ثم أخبر بانتفاء الجدال أي لا شك ولا خلاف في الحج. وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام، وسائر العرب يقفون بعرفة، وكانوا يقدمون الحج سنة ويؤخرونه سنة وهو النسيء، فرد إلى وقت واحد، ورد الوقوف إلى عرفة فأخبر الله تعالى أنه قد ارتفع الخلاف في الحج، وربما يستدل على أن المنهي عنه هو الرفث والفسوق دون الجدال

بقوله صلى الله عليه وسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه» «١»

وإنه لم يذكر الجدال. وقيل: الاهتمام بنفي الجدال


(١) رواه البخاري في كتاب الحج باب ٤. مسلم في كتاب الحج حديث ٤٣٨. الترمذي في كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>