للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرغب في التزويج منه ولا في معاملته أحد، وأما منافع الدين فالثواب الحاصل على حسن العشرة مع الأهل وعلى الانقياد لأحكام الله تعالى وتكاليفه وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً فمن أقربائه يجب طاعة الله وطاعة رسوله ثم وصلت إليه هذه التكاليف المذكورة في أبواب العدة والرجعة والخلع وترك المضارة ولم يتشمر لأدائها كان كالمستهزىء بها. أو المراد لا تتهاونوا بتكاليف الله كما يتهاون بما يكون من باب الهزء والعبث.

وعن أبي الدرداء: كان الرجل يطلق في الجاهلية ويعتق ويتزوج ويقول: كنت لاعبا. فنزلت فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة» «١»

وروي «الطلاق والعناق والنكاح» «٢»

وعن عطاء: المعنى أن المستغفر من الذنب إذا كان مصرا عليه أو على مثله كان كالمستهزىء بآيات الله.

ثم إنه تعالى لما رغبهم في أداء التكاليف بما ذكر من التهديد رغبهم أيضا في أدائها بأن ذكرهم أقسام نعمه عليهم. فبدأ أولا بذكرها على الإجمال فقال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وهذا يتناول كل نعمة لله على العبد في الدنيا والدين وقيل: المراد بها الإسلام ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم خصص نعم الدين بالذكر لشرفها فقال: وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ عطفا على النعمة مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ من القرآن والسنة وذكرها مقابلتها بالشكر والقيام بحقها يَعِظُكُمْ بِهِ في محل النصب حالا مما أنزل أو من فاعل «أنزل» . ويحتمل أن يكون ما أَنْزَلَ الصلة والموصول مبتدأ، وقوله يَعِظُكُمْ بِهِ خبرا وَاتَّقُوا اللَّهَ في أوامره ونواهيه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيه وعد ووعيد وترغيب وترهيب الثاني: وهو حكم المرأة المطلقة بعد انقضاء العدة قوله عز من قائل وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ بلوغ الأجل هاهنا على الحقيقة. عن الشافعي: دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين فَلا تَعْضُلُوهُنَّ لا تحبسوهن ولا تضيقوا عليهن. وأصل العضل الضيق ومنه عضلت الدجاجة، إذا نشب بيضها فلم يخرج، وعضلت الأرض بالجيش إذا ضاقت بهم لكثرتهم، وأعضل الداء الأطباء إذا أعياهم، والعضلة اللحمة المجتمعة المكتنزة في عصبة.

والخطاب للأزواج الذين يمنعون نساءهم بعد انقضاء العدة ظلما وقسرا ولحمية الجاهلية من أن ينكحن أزواجهن الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهن إذا تراضوا- أي الرجال والنساء- تراضيا واقعا بينهم بالمعروف بما يحسن في الدين والمروءة من الشرائط كالعقد الحلال والمهر الجائز والشهود والعدول. وقيل: بمهر المثل وفرعوا عليه مسألة فقهية توافق


(١) رواه أبو داود في كتاب الطلاق باب ٩.
(٢) رواه مالك في الموطأ كتاب النكاح حديث ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>