وأنا أنظر إلى ما كتبه على بابه. والنكتة أن من كتب هذه الكلمة على بابه الخارج صار آمنا من الهلاك وإن كان كافرا، فالذي كتبه على سويداء قلبه من أول عمره إلى آخره كيف يكون حاله!؟
السادسة: سمى نفسه رحمانا ورحيما فكيف لا يرحم؟ روي أن سائلا وقف على باب رفيع فسأل شيئا فأعطي قليلا فجاء بفأس وأخذ يخرب الباب، فقيل له: لم تفعل؟ قال: إما أن تجعل الباب لائقا بالعطية أو العطية لائقة بالباب. إلهي كما أثبت في أول كتابك صفة رحمتك فلا تجعلنا محرومين من فضلك.
السابعة: إذا اشترى العبيد شيئا من الدواب أو المتاع وضعوا عليه سمة الملك لئلا يطمع فيه العدوّ، فالله تعالى يقول: عبدي عدوّك الشيطان فإذا شرعت في عمل وطاعة فاجعل عليها سمتي وقل: «بسم الله الرحمن الرحيم» .
الثامنة: اجعل ذكر الله قرينك حتى لا تبعد عنه في أحوالك.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع خاتما إلى أبي بكر وقال: اكتب فيه «لا إله إلا الله» فدفعه إلى النقاش وقال: اكتب فيه «لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم» فكتب النقاش ذلك، فأتى أبو بكر بذلك الخاتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأى النبي فيه «لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق» فقال: يا أبا بكر ما هذه الزوائد؟ فقال: يا رسول الله ما رضيت أن أفرق اسمك من اسم الله فما رضي الله أن يفرق اسمي عن اسمك.
التاسعة: أن نوحا صلى الله عليه وسلم لما ركب السفينة قال: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [هود: ٤١] فنجا بنصف هذه الكلمة، فما ظنك بمن واظب على الكلمة طول عمره كيف يبقى محروما عن النجاة؟
العاشرة: الناس ثلاثة: سابق بالخيرات ومقتصد وظالم لنفسه. فقال: الله للسابقين، الرحمن للمقتصدين، الرحيم للظالمين. الله معطي العطاء، الرحمن المتجاوز عن زلات الأولياء، الرحيم الساتر لعيوب الأغنياء. يعلم منك ما لو علمه أبواك لفارقاك، ولو علمت المرأة لجفتك، ولو علمت الأمة لأقدمت على الفرار، ولو علم الجار لسعى في تخريب الدار. الله يوجب ولايته اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة: ٢٥٧] الرحمن يستدعي محبته إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا [مريم: ٩٦] الرحيم يفيض رحمته وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب: ٤٣] هو رحيم بهم في ستة مواضع: في القبر وحسراته، والقيامة وظلماته، وقراءة الكتب وفزعاته، والصراط ومخافاته، والنار ودركاته، والجنة ودرجاته.