للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائمة. قيل: أي في الصلاة. وقيل: ثابتة على التمسك بدين الحق ملازمة له غير مضطربة.

وقيل: أي مستقيمة عادلة من قولك: «أقمت العود فقام» بمعنى استقام. وهاهنا نكتة وهي أن الآية دلت على أن المسلم قائم بحق العبودية. وقوله: قائِماً بِالْقِسْطِ [آل عمران: ١٨] دل على أن المولى قام بحق الربوبية وهذه حقيقة قوله: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة: ٤٠] . الصفة الثانية: يَتْلُونَ أي أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل. فالتلاوة القراءة. وأصل الكلمة الإتباع. فكأن التلاوة هي إتباع اللفظ، وآيات الله القرآن. وقد يراد بها أصناف مخلوقاته الدالة على صانعها. وآناء الليل ساعاته واحدها أنى مثل «معا» و «أني» و «أنو» مثل «نحى» و «تلو» . الصفة الثالثة: وَهُمْ يَسْجُدُونَ يحتمل أن يكون حالا من يَتْلُونَ كأنهم يقرأون في القرآن السجدة تخشعا إلا أن ما

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا»

يأباه وأن يكون كلاما مستقلا أي يقومون تارة ويسجدون أخرى ويتغون الفضل والرحمة بكل ما يمكن كقوله: يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً [الفرقان: ٦٤] قال الحسن: يريح رأسه بقدميه وقدميه برأسه وذلك لإحداث النشاط والراحة، وأن يكون المراد: وهم يصلون ويتهجدون. والصلاة تسمى سجدة وركعة وسبحة، وأن يراد وهم يخضعون لله كقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الرعد: ١٥] وعلى هذين الاحتمالين لا منع من كونه حالا. الصفة الرابعة: يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فالصفات المتقدمة إشارة إلى كمال حالهم في القوة العملية. وهذه إشارة إلى كمالهم بحسب القوة النظرية، فإن حاصل المعارف معرفة المبدأ والمعاد. ولا يخفى أن غير مؤمني أهل الكتاب ليسوا من القبيلين في شيء بسبب تحريفاتهم واعتقاداتهم الفاسدة. الخامسة والسادسة:

وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهاتان الصفتان إشارة إلى أنهم فوق التمام وذلك لسعيهم في تكميل الناقصين بإرشادهم إلى ما ينبغي ومنعهم عما لا ينبغي. وفيه تعريض بالأمة المذمومة أنهم كانوا مداهنين. وعن سفيان الثوري: إذا كان الرجل محببا في جيرانه محمودا عند إخوانه فاعلم أنه مداهن. الصفة السابعة وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ أي المذكورات كلها وهي من صفات المدح لأن المسارعة في الخير دليل فرط الرغبة فيه حتى لا يفوت ففي التأخير آفات. وما

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «العجلة من الشيطان» «١»

مخصوص بهذه الآية. على أنها لا تفيد كلية الحكم لأن القضية أهملت إهمالا، كيف لا والأمور متفاوتة.

منها ما يحمد فيه التأخير لكونه مما يحصل على مهل وتدريج فلو طلب منه خلاف وضعه


(١) رواه الترمذي في كتاب البر باب ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>