للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلبي: معلمين بعمائم صفر مرخاة على أكتافهم. وعن الضحاك: معلمين بالصوف الأبيض في نواصي الخيول وأذنابها. وعن مجاهد: مجزوزة أذناب خيلهم. وعن قتادة: كانوا على خيل بلق. وعن عروة بن الزبير: كانت عمامة الزبير يوم بدر صفراء فنزلت الملائكة كذلك.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوم بدر: تسوموا فإن الملائكة قد تسوّمت.

وقيل:

مسومين مرسلين من أسمت الإبل وسوّمتها أرسلتها للرعي. فالمعنى أن الملائكة أرسلت خيولهم على الكفار لقتلهم وأسرهم، أو أن الله تعالى أرسلهم على المشركين ليهلكوهم كما تهلك الماشية النبات في المراعي. وَما جَعَلَهُ اللَّهُ الضمير عائد إلى المدد أو الإمداد الدال عليه الفعل. وقال الزجاج: وما جعل الله ذكر المدد إلا بشرى وهي اسم من البشارة أي إلا لتبشروا بأنكم تنصرون وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ كما كانت السكينة لبني إسرائيل بشارة بالنصر وطمأنينة لقلوبهم. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا من المقاتلة إذا تكاثروا، ولا من عند الملائكة والسكينة. ولكن ذلك مما يقوي به الله رجاء النصرة ويربط به على قلوب المجاهدين. وفيه تنبيه على أن إيمان العبد لا يكمل إلا عند الإعراض عن الأسباب والإقبال بالكلية على مسببها. وقوله: الْعَزِيزِ إشارة إلى كمال قدرته والْحَكِيمِ إشارة إلى كمال علمه فلا يخفى عليه حاجات العباد ولا يعجز عن إنجاحها لِيَقْطَعَ طَرَفاً أي طائفة وقطعة من الذين كفروا. وإنما حسن في هذا الموضع ذكر الطرف دون الوسط لأنه لا وصول إلى الوسط إلا بعد الأخذ من الطرف كما قال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها [الرعد: ٤١] قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [التوبة: ١٢٣] أَوْ يَكْبِتَهُمْ الكبت في اللغة صرع الشيء على وجهه. وفسره الأئمة هاهنا بالإخزاء والإهلاك واللعن والهزيمة والغيظ والإذلال والكل متقارب فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ غير ظافرين بمبتغاهم قيل: الخيبة لا تكون إلا بعد التوقع ونقيضه الظفر. وأما اليأس فقد يكون قبل التوقع وبعده. ونقيضه الرجاء، واللام في لِيَقْطَعَ يحتمل أن يتعلق بقوله: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ أو بقوله وَمَا النَّصْرُ ويحتمل أن يكون من تمام قوله: وَلِتَطْمَئِنَّ ولكنه ذكر بغير العاطف لأنه إذا كان البعض قريبا من البعض جاز حذف العاطف كما يقول السيد لعبده: اشتريتك لتخدمني لتعينني لتقوم بخدمتي.

قوله عز من قائل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فيه قولان: أحدهما وهو الأشهر أنه

نزل في قصة أحد عن أنس بن مالك قال: كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوم أحد ودمي وجهه فجعل يسيل الدم على وجهه ويقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم؟

وفي رواية: شج رأسه صلى الله عليه وسلم عتبة بن أبي وقاص يوم أحد وكسر رباعيته

<<  <  ج: ص:  >  >>