للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الصلاة خلف القانت في صلاة الفجر]

السؤال

إذا صلى إنسان مع أناس يداومون على القنوات في صلاة الفجر وهو لا يرى صحة القنوت إلا في وقت النوازل، فهل له إذا قنتوا ألا يقنت معهم ولا يرفع يديه؟

الجواب

الصواب أنه يتابع الإمام ولو كان لا يرى القنوت، فقد كان الإمام أحمد رحمه الله لا يرى القنوت في الفجر، وإذا صلى خلف من يقنت قنت معه، جمعاً للكلمة، ودرءاً للفتنة، فلا يشذ ولا يخالف، فالخلاف شر، ولما صلى أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بالناس في منى فقد اجتهد وأتم الصلاة، وصلى معه الصحابة، ومنهم ابن مسعود، وكان لا يرى إتمام الصلاة، فلما سلم حوقل فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، وصليت خلف أبي بكر ركعتين -وصليت خلف عمر ركعتين، وصلى أيضاً خلف عثمان في أول خلافته ركعتين- فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان.

فقيل له: فلماذا صليت خلفه؟ قال: الخلاف شر، أي: لا أريد أن أخالف وأشذ.

فلا ينبغي للإنسان أن يشذ إذا صلى خلف من يقنت، بل عليه أن يقنت معه، وكذلك دعاء الختم في رمضان، فإذا ختم الإمام فإنك تصلي خلفه وتؤمن ولو كنت لا ترى ذلك، فدعاء الختم مختلف فيه بين العلماء، فبعض العلماء يراه مشروعاً، وبعضهم يراه غير مشروع، فإذا دعا الإمام عند الختم صليت معه، ولا تشذ كما يفعل بعض الشباب في المسجد الحرام، فإنهم إذا ختم الإمام جلسوا، وصاروا يتحدثون ويشربون القهوة، وهذا غلط، بل هو مخالفة وشذوذ لا ينبغي، فعليك أن تصلي خلفه، واترك رأيك لرأي الإمام؛ لأن الخلاف شر.

فعلى هذا الرجل أن يصلي خلف من يقنت وإن كان لا يرى القنوت؛ لأن هذا فيه جمع للكلمة، والواجب على المسلمين أن يتحدوا، وأن تكون كلمتهم واحدة، ولا ينكر بعضهم على بعض في المسائل الخلافية، وليترك المأموم رأيه لرأي الإمام ولا يشذ، وهذا كله في الاختلاف في الفروع، فلو كان الإمام لا يرى أن خروج الدم ينقض الوضوء والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فعلى المأموم أن يترك رأيه، وكذلك إذا كان الإمام يرى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء.

وقد صلى الخليفة هارون الرشيد بالناس وقد احتجم حين أفتاه مفت بأن الحجامة لا تنقض الوضوء، وصلى خلفه أبو يوسف وكان يرى أن الحجامة تنقض الوضوء، فسئل أبو يوسف وقيل له: أصليت خلفه وقد احتجم ولم يتوضأ؟! فقال: هو أمير المؤمنين، فيجب أن أترك رأيي لرأيه، فصلى خلفه وترك رأيه؛ لأنها مسألة اجتهادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>