معلوم عظم السحر وخطره، فمن أصيب بالسحر وساءت حاله فهل يجوز له الذهاب إلى السحرة لفك السحر، فإننا نسمع كثيراً عن الذين لم يستطيعوا فك السحر بواسطة الرقية الشرعية ثم ذهبوا إلى السحرة وزال ما بهم؟
الجواب
هذا يسمى النشرة، أي: حل السحر عن المسحور، وقد عقد له الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد باباً، فقال:(باب: ما جاء في النشرة)، وهي حل السحر عن المسحور، وقسم النشرة إلى قسمين: قسم محرم، وقسم جائز، فالقسم المحرم: هو حله بسحر مثله، والقسم الجائز: هو حله بأدوية مباحة، ورقى شرعية، وآيات من القرآن وأحاديث نبوية، فهذا هو الجائز، ونقل هذا عن العلامة ابن القيم.
فإذا كان حله بأدوية مباحة، وعقاقير طبية، أو بآيات من القرآن أو بأدعية نبوية فلا بأس، أما إذا كان بالسحر فحرام، وذكر حديث الحسن:(لا يحل السحر إلا ساحر)، وهذا محمول على أنه يحله بسحر مثله محرم.
وذكر العلماء للنشرة الجائزة أمثلة، فمن ذلك أن يؤتى بماء ويقرأ فيه سورة (قل أعوذ برب الفلق)، وسورة:(قل أعوذ برب الناس)، وسورة:(قل هو الله أحد)، وآية الكرسي، والآية التي فيها:{مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ}[يونس:٨١]، والآيات في سورة الأعراف:{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}[الأعراف:١١٨ - ١٢٢]، وكذلك آية سورة طه:{إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}[طه:٦٩]، وآيتين في سورة يونس:{فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[يونس:٨١ - ٨٢]، يقرأ تلك الآيات في إناء به ماء، ويصب على رأس المسحور، فيشفى بإذن الله، مع ما جاء من أدعية شرعية نحو:(اللهم رب الناس أذهب البأس) وغيره، فهذه هي الرقية الشرعية، أما حله بسحر مثله فلا يجوز.
وهذا هو الصواب كما بين ذلك العلامة ابن القيم وشيخ الإسلام محمد بن عبد الواهاب في كتاب التوحيد.