للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الأخذ من اللحية]

السؤال

يقول هذا: ما حكم الأخذ من اللحية، وما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ من اللحية، فما الجواب على عليه؟

الجواب

ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حفوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المشركين)، وفي لفظ: (وفروا اللحى)، وفي لفظ: (أرخوا).

فهذه النصوص واضحة في أنه لا يجوز أخذ شيء منها، وابن عمر هو الذي روى هذا الحديث، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يجتهد فيأخذ من لحيته، فكان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فأخذ مما زاد منها، فكان يأخذ من رأسه ولحيته ويتأول أن هذا من قضاء التفث، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:٢٩]، فهو يأخذ من رأسه ومن لحيته ويتأول أن هذا من التحلل، إرشاداً منه في الحج والعمرة خاصة، وليس في كل وقت.

بعض الناس يظن أن ابن عمر يأخذ من لحيته في كل وقت ما زاد على القبضة، وهذا غير صحيح، إنما كان ذلك عند التحلل من الحج اجتهاداً منه رضي الله عنه، فهذا اجتهاد خاص به، لم يوافقه عليه الصحابة رضوان الله عليهم، والعلماء يقولون: الحجة بما روى لا بما رأى، أي: الحجة بما روى عن النبي لا بما اجتهد، وكل واحد يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولم يفعل هذا أبو بكر ولا عمر وهما أفضل منه.

وابن عمر رضي الله عنه له اجتهادات خاصة به، منها: أنه كان يأخذ من لحيته إذا حج أو اعتمر اجتهاد، ويتأول أن هذا من التحلل.

ومنها: أنه كان إذا اغتسل من الجنابة يدخل الماء في عينيه حتى عمي.

ومنها: ما جاء أنه يرى القراءة عند القبر، قراءة أول سورة البقرة وخواتيمها.

ومنها: أنه كان يتتبع أماكن النبي صلى الله عليه وسلم التي يجلس فيها للبول أو أماكن العادة، ولم يفعل هذا كبار الصحابة، فتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمشروع وليس فيه فضل، وكان ابن عمر يفعل هذا، والبخاري ذكر أشياء في تتبع ابن عمر لآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمقصود أن ابن عمر إنما يفعل هذا في الحج خاصة ويتأول أن هذا من التحلل ومن قضاء التفث، وهو اجتهاد خاص به لم يوافقه عليه غيره من الصحابة، والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في اجتهاد الصحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>