امرأة أسقطت مولودها، وبعد التحليل في المستشفى وجدوا أن عمره أربعة أشهر، ثم بعد يوم قالوا: عمره ثلاثة أشهر، وقال المستشفى: سنأخذه وليس لكم فيه شأن، فما رأيكم؟
الجواب
إذا كان قد تبين فيه خلق الإنسان فهو آدمي، وتكون أمه نفساء، وله حكم الآدميين، فيغسل ويصلى عليه ويعق عنه ويسمى ويدفن في مقابر المسلمين، ويأخذه أهله فهم أحق به، ولا يعطونه للمستشفى، وكيف يقال: إنهم ليس لهم شأن به؟ هذا لا يقال، أما إذا كان قطعة لحم، ولم يتبين فيه خلق الإنسان فليس له حكم الآدمي، وإذا تبين فيه خلق الإنسان فهو آدمي، وله حكمه، وأمه لها حكم النفساء.
وأهله أولى به، وأما أن يقولوا لهم في المستشفى: وليس لكم شأن به، فماذا سيفعلون به؟ سيشرحونه أم ماذا؟ وقد قيل: إن هناك معارض علمية يحنط فيها الآدميون، وتحنط فيها أجنة يتبين فيها الخلق بوضوح وهذا لا يجوز؛ لأن هذه الأجنة لها حكم الإنسان فتغسل وتكفن ويصلى عليها وتدفن في مقابر المسلمين؛ فلا يجوز أن يحنطوا وإن كانوا أولاد كفار.
والصواب: أن أولاد الكفار في الجنة، من مات منهم قبل البلوغ، وفيها يمتحنون، وأما جثث الكفار الذين بلغوا فهذا أسهل وأخف؛ لأن جثة الكافر ليس لها حرمة، وأما أولادهم فقد جاء في حديث البخاري في قصة إبراهيم أنه رأى حوله أولاد الناس، فأولاد الكفار فيهم خلاف بين أهل العلم، وقد ذكر ابن القيم وغيره أقوالاً لأهل العلم في هذا، أرجحها قولان: القول الأول: أنهم يمتحنون يوم القيامة، والقول الثاني: أنهم في الجنة؛ وهذا هو الصواب، كما في قصة إبراهيم أنه رأى حوله أولاد الناس جميعاً؛ لأنهم لم يكلفوا.
وعلى كل حال فلا يجوز للمستشفى أخذه إلا بفتوى، فيجب على المستشفى أن يأخذ فتوى من الهيئة الدائمة أو هيئة كبار العلماء، ويعملون بموجبها، وإذا لم يتبين فيه خلق الإنسان فليس له حكم الإنسان، فيوضع في أي مكان، ويدفن في أي مكان، وليس له قبر ما دام لا يسمى إنساناً.