الجهل الذي يعذر به الإنسان هو الجهل الذي يجهله مثله، فإذا كان يجهل أمراً دقيقاً خفياً مثله يجهله، فإنه يكون معذوراً، أما إذا كان يجهل أمراً واضحاً وهو يعيش بين المسلمين فلا يعذر.
والجاهل لا بد له من أن يسأل، فإذا كان يستطيع السؤال ولم يسأل فلا يكون معذوراً، وإنما يعذر في الجهل الذي مثله يخفى عليه، أما إذا كان في أمر واضح فلا، ومن ذلك ما جاء في الحديث في قصة الرجل الذي أمر أهله أن يحرقوه ويذروه في البحر، قال: فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً.
فهذا أنكر تفاصيل كمال القدرة، وظن أنه إذا أحرق وسحق وذري في البر وفي البحر فات على الله، والذي حمله على ذلك ليس هو العناد، وإنما هو الجهل مع الخوف العظيم، فهو كان يظن أنه لو ترك ولم يحرق بعثه الله، لكن ظن أنه إذا أحرق وسحق وذري في البر وفي البحر فات على الله، ففعل هذا من شدة خوفه، فغفر الله له؛ لأن هذه مسألة دقيقة خفيت عليه.