كيف نجمع بين شرب النبي قائماً في بعض الأحاديث، ونهيه عن الشرب قائماً في البعض الآخر؟
الجواب
الجمع بينهما أن شربه قائماً يحمل على الجواز والنهي يحمل على التنزيه، فالأكمل الشرب جالساً، والشرب قائماً جائز، والقاعدة في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء ثم فعله دل على أن النهي للتنزيه، كما أنه إذا أمر بشي ثم فعله دل على أن الأمر ليس للوجوب، ومثاله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام للجنازة إذا مرت ثم جلس، فدل على أنه ليس للوجوب؛ لأن جلوسه صرف الأمر من الوجوب إلى الندب، وكذلك هنا نهى عن الشرب قائماً ثم شرب قائماً، كما في صحيح البخاري (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى زمزم وهم يسقون فشرب وهو قائم)، فيكون فعله عليه الصلاة والسلام يصرف النهي من التحريم إلى التنزيه، وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون، خلافاً لـ ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد فإنه اختار عدم جواز الشرب قائماً، وذكر بعض أقوال أهل العلم في أنه لا يجوز الشرب قائماً وأنهم شددوا في هذا وغلبوا جانب النهي، والصواب هو الجمع بينهما.