إذا مشت المرأة بين يدي المصلي وسترته، كما لو كان في شدة الزحام كالحرم، فما الحكم؟
الجواب
المرأة إذا كانت بالغاً ومرت بين يدي المصلي وبين سترته، أو قريباً منه إذا لم يكن له سترة، فهذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فجمهور العلماء على أن المرأة لا تقطع الصلاة، وتأولوا ما جاء في الحديث:(يقطع صلاة المرء الخ) وذهب إلى هذا بعض الصحابة، كـ عائشة رضي الله عنها حيث أنكرت قالت: شبهتمونا بالحمير والكلاب! لقد رأيتني نائمة على السرير، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان لي حاجة أنسل من عند رجليه.
فـ عائشة رضي الله عنها كانت ترى هذا، وأن المرأة لا تقطع الصلاة.
والقول الثاني وهو الصواب: أن المرأة تقطع الصلاة لهذا الحديث الصحيح، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه:(يقطع صلاة المرء إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب) جاء تقييد المرأة بأنها البالغ، والكلب بأنه الأسود، فالمرأة تقطع الصلاة في أحد الحالين: إذا مرت بينه وبين سترته، أو قريباً منه إذا لم يكن له سترة، أما إذا كانت بعيدة أو مرت من وراء السترة فلا.
أما المسجد الحرام فهذا المكان الذي يشتد فيه الزحام، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، قال الله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق:٧]، والعلماء استنبطوا من هذه النصوص قواعد، فقالوا: لا واجب مع عجز، ولا محرم مع ضرورة، فهذا للضرورة، وأما الأحاديث التي فيها: أن المار في المسجد الحرام لا يقطع الصلاة، فهي أحاديث ضعيفة فيها، والقاعدة أن المشقة تجلب التيسير، قال الله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:٧٨]، فهذه القواعد مستنبطة من الأصول.