فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع؛ فكانت لهذيل، وأما يغوث؛ فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق؛ فكانت لهمذان، وأما نسر؛ فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا؛ أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم، عبدت " (٣٨).
٢ - وأخرج الفاكهي عن عبيد الله بن عبيد بن عمير، قال: " أول ما حدثت الأصنام على عهد نوح، وكانت الأبناء تبر الآباء، فمات رجل منهم، فجزع عليه، فجعل لا يصبر عنه، فاتخذ مثالًا على صورته، فكلما اشتاق إليه؛ نظره، ثم مات، ففعل به كما فعل، ثم تتابعوا على ذلك، فمات الآباء، فقال الأبناء: ما اتخذ هذه آباؤنا إلا أنها كانت آلهتهم، فعبدوها ". نقله الحافظ في " الفتح " (٨/ ٥٤٣)، والسيوطي في " الدر المنثور " (٦/ ٢٦٩)، والروايات الثلاث بعد من " الدر " أيضاً.
وقوله: " فجزع عليه ": كذا نقله، من غير تصريح بفاعل الجزع، ولعل لفظة: " عليه " محرفة عن: " ابنه "، فيكون هو الفاعل، وبذلك ينسجم الكلام.
٣ - وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله:{وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا}، قال: " كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح، فنشأ قوم بعدهم يأخذون كأخذهم في العبادة، فقال لهم إبليس: لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم، فصوروا، ثم ماتوا، فنشأ قوم بعدهم، فقال لهم إبليس: إن الذين كانوا من قبلكم كانوا يعبدونها. فعبدوها ".
(٣٨) أخرجه البخاري في (كتاب التفسير، باب {وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ} (٨/ ٦٦٧/ ٤٩٢٠) عن ابن عباس موقوفاً.