كلامنا في الفصل الخامس عن الشرك من ناحية ذرائعه وطبائعه يدخل في باب الحكم عليه، وحديثنا عنه الآن من جهة معناه وأقسامه يعد من قبيل التصور، والحكماء يقولون: الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ فمقتضى هذه القاعدة تأخير الفصل الخامس عن هذا الفصل، ولكنا سلكنا هذا الترتيب، لأن التصور الذي ينبني عنه الحكم ويتوقف عليه هو الشعور بأصل معنى الشيء، وهذا القدر من معنى الشرك حاصل للمسلمين، ولهذا ينفرون منه، بل يكاد تصور الشرك يكون ضروريّاً لكل ناطق بالعربية، ولذلك لم تعن كتب متن اللغة بتحديد معناه كما اعتنت بضبط ألفاظه، والتصور الذي نحاوله هنا هو تحرير معنى اللفظة لغة وشرعاً، وضبطها نطقاً ووضعاً، وهو بالعلم أنسب، وكلامنا في الفصل الخامس إلى الوعظ أقرب؛ فآثرنا تقديم الوعظ الذي هو خطاب للقلوب على العلم الذي هو حديث إلى العقول!؛ لأنني أرى مصيبة هذا الجيل في قلوبهم أعظم من مصيبتهم في عقولهم.
• معنى الشرك في اللغة:
تقول: شركته في الأمر، أشركه- من باب تعب-، شركاً، وشركة؛ بفتح