بكرمه المحدود، اللهم إلا بالنسبة للذين يعتقدون أن الملك قوة غيبية سماوية أفيضت على الملوك من الملأ الأعلى، واختارتهم للاستعلاء على سائر أهل الدنيا، لأنهم أطيب الناس عنصراً، وأكرمهم جوهراً، وهؤلاء هم الذين انتهى بهم هذا الاعتقاد إلى الكفر والإِلحاد، فاتخذوا الملوك آلهة وأرباباً، وعبدوهم عبادة حقيقية " (١/ ٥٧).
• النسك:
وتقدم عن الجوهري قوله: " والتعبد التنسك "، فلنشرح هذه المادة أيضاً تمكيناً لمعنى العبادة في الذهن:
تقول: نسك ينسك فهو ناسك وهم نساك؛ كعبد يعبد فهو عابد وهم عباد، وزناً ومعنى، والنّسُك- بضمتين- يكون مصدراً بمعنى التعبد والتطوع بالقربة، واسماً للقربة المتطوع بها، وجمع نسيكة، والمَنْسِك- بفتح السين وكسرها- يرد مصدراً وزماناً ومكاناً لذبح النسيكة؛ قال تعالى:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨]؛ يريد متعبَّداتنا، وغلبت المناسك في طاعات الحج؛ قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}[البقرة: ٢٥٥]، وغلب النسك على الذبيحة يجبر بها نقص في الحج، قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}[البقرة: ١٩٦]، والنسيكة كذبيحة وزناً ومعنى، وتكون بمعنى السبيكة من الفضة.
قال في " القاموس ": " وكأميرٍ الذهبُ والفضةُ، وكسفينةٍ القطعةُ الغليظةُ منه ".
وقوله: " منه ": صوابه: منها؛ أي: الفضة؛ كما نبه عليه ناقدوه.
وفي " الصحاح ": " نسكت الشيء: غسلته بالماء وطهرته؛ فهو منسوك،