وهو تأويل الشوكاني في " الدرّ النضيد "؛ مستنداً فيه إلى حديث الصخرة، كما في " صيانة الإِنسان "، وهو تأويل لا يفيد العامة إلا زيادة تضليل، إذ لا يخطر على بالها من هذا المعنى كثير ولا قليل، واستناده إلى حديث الصخرة عجيب، لا يستسيغه عقل عالم ولا ذوق أديب، فإن أصحابها إنما توسل كل منهم بطاعته وإخلاصه [فيها]، ولم يتوسل الثاني مثلاً بطاعة الأول، مع أنه قد عاين كرامته بانفراج الصخرة لدعائه ثم [إن] عمل غيرك ملك له لم يهبه لك؛ فكيف تتقرب به إلى الله ويتناسب مع رغبتك في إجابة دعوتك؟! إن توسلك بعمل غيرك غير مقبول في الطبع ولا منقول في الشرع، وإذا كان إيمان شخص لا يكون وسيلة لنجاة آخر في الأخرى؛ فعبادته لا تصلح وسيلة لدعائك في الدنيا، وكيف تستعير صلاح غيرك لقبول دعائك وقضاء حاجتك؟! والصلاح جمال نفساني غير قابل للاستعارة كالجمال الجسماني.
• حكم التوسل بمحبة المحبوب:
والوجه الثالث: أن يقدر في اللفظ المحبة؛ فكأنه يقول: بحق محبة فلان - من إضافة المصدر إلى المفعول-، أي: محبتي إياه، وهو وجه أبداه ابن تيمية، وقد قدمنا القول في المحبة، فمن اتصف بها على الوجه المشروع؛ كان توسله بها من باب التوسل بالإِيمان الصحيح والطاعة المشروعة، غير أن المتصف بها قليل، وأكثر المتوسلين بتلك العبارة لا يقصدون إلى هذا المعنى إلا بعد تنبيههم إليه وإعلامهم به.
• معنى التوسل بالجاه عند العامة:
هذا حكم التوسل بحق فلان، وقس عليه التوسل بجاهه أو بذاته، ومن وقف على مقاصد العوام في توسلهم بهذه الصيغ، وجدهم لا يريدون إلى شيء