التي نعرض فيها لعروض الشرك في الأمم؛ فحكم الطبيعة يغري بالشرك، ونص الشريعة يدعو إلى مزيد التيقظ في التحفظ منه، وتاريخ الأديان يكشف عما في ذلك من تسويل الشيطان وخدع النفس.
• واجب المرشد والمسترشد:
لعلك لا تجد في عيوب النفس ونقائص الإِنسان ما يضاهي الشرك في اقتضاء طبع المتدين له، وخفاء مساربه إلى نفسه، ودفاع المتأولين عنه؛ فكان لزاماً على من يهتم لسعادته في الدار الباقية أن يعترف بحاجته الشديدة إلى معرفة الشرك ومظاهره، وأن يعتني كل الاعتناء بالبحث عن كل ذريعة إلى هذا الداء؛ ليتقيه أيما اتقاء، فلا يسري إلى جنانه، ولا يعلق بلسانه، ولا يظهر على شيء من أركانه، وكان من آيات المرشد النصوح وأخص مظاهر نصحه أن يجعل أولى ما يتقدم به إلى العامة وأول ما يقرع به أسماعهم التحذير من الشرك ومظاهره، وبيان مدلوله وأنواعه، ثم الصبر على ما يلحقه لذلك من أذى جاهل متحمس، ومغرض متعصب، وضال متأول.
• أول ما يدعو إليه المرسلون:
إن القرآن العظيم يقص علينا في جلاء ووضوح أن أول ما يدعو إليه الأنبياء والمرسلون صلوات الله عليهم أجمعين هو توحيد الله، وأول ما ينكرونه على قومهم الشرك ومظاهره، وعلى حكم هذه السنة الرشيدة جاءت بعثة خاتم النبيين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فعنيت بالدعوة إلى التوحيد، والتحرز من الشرك، والتحذير منه، وما ذلك إلا لشدة الحاجة إلى معرفته، وإنك لتجد تلك العناية ظاهرة في الكتاب وأطوار البعثة وأركان الدين.
• عناية الكتاب بعلاج الشرك:
هذا الكتاب العزيز، فاقرأ وتدبر؛ تجد السور- مكيها ومدنيها- تفيض