للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• التوسل بالعمل الخاص:

النوع الثالث: توسل الداعي بطاعته وصالح عمله، وهو مشروع لما فيه من تغذية الخشوع المناسب للموضوع، وله أمثلة:

١ - منها: حديث الصخرة في " الصحيحين "؛ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَتَّى آوَاهُمُ الْمَبِيتُ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَل فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُ ... » ثم ذكر برور الأول بأبويه وانفراج الصخرة قليلاً لدعائه، وعفة الثاني عمن أمكنته من نفسها بعد شوق طويل وانفراج الصخرة له أيضاً، ومبالغة الثالث في حفظ الأمانة وتمام انفراج الصخرة، وأنهم كلهم قالوا في أدعيتهم: «اللَّهُمَّ! إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرِجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ» (١٢٤)

٢ - ومنها: تقديم الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الدعاء، لما رواه أبو داود، والترمذي وصححه، أَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَيَدْعُو، وَلَمْ يَحْمَدْ رَبَّهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ، فَقَالَ: «عَجِلَ هَذَا». ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ؛ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ، وَلْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ» (١٢٥).


(١٢٤) رواه البخاري (٦/ ٥٠٥ - ٥٠٦/ ٣٤٦٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٩٩ - ٢١٠٠/ ٢٧٤٣) عن أبن عمر موقوفاً مطولاً، وقد ذكره المؤلف مختصراً بمعناه.
(١٢٥) صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ١٨)، وعنه أبو داود (١/ ٢٣٣)، والترمذي (٩/ ٤٥٠ - ٤٥١/ ٣٥٤٦)، وابن خزيمة (١/ ٣٥١/ ٧١٠)، وابن حبان (٥/ ٢٩٠/ ١٩٦٠)، والحاكم (١/ ٢٣٠)، وإسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (١٠٦)، كلّهم عن عبد الله بن يزيد المقرئ حدثني حيوة أخبرني أبو هانئ حميد بن هانئ أن أبا علي عمروبن مالك حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد- صاحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " سَمِعَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلًا ... (فذكره).

<<  <   >  >>