رأى الطرقيون ومن لف لفهم أن القرآن فاضحهم وكاشف عوارهم، فتعللوا للتسلل منه بعلل شتى، وما هي بنافعتهم بعدما عمت لفظة " فاقوا "، وكان من تعللهم تقولهم: إن ما جاء في قوم من المشركين وأهل الكتاب، فهو خاص بهم، لا يتناول المسلمين، وإن جاؤوا بما هو أشنع وأضل.
• مقصود البعثة وحكمة التكليف:
وهذا جهل بمقصود البعثة وحكمة التكليف وتصرف الأئمة في تفقههم؛ فإن الغرض من بعثة كل نبي هو توحيد الخلق على توحيد الخالق وإقامة دينه، قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣].
وحكمة التكليف هو تكميل الإِنسان باتباعه شريعة الملك الديان، وليس الأمر كما يظنه بعض الجهال من أن التكليف كجزية تضرب على العبيد من الملك، ويعفى منها من توسل إليه بمنزلة وجاه، فتراهم يفخرون بكونهم من خير أمة أخرجت للناس، أويعتزون بالاعتزاء إلى مشهور بالفضل والصلاح، من غير أن يأتمروا بينهم بمعروف، أو يتناهوا عن منكر، وقد قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ