الدنيا؛ فهي إعلام لهم بما لم يكونوا يعلمون من براءة المتهم أو علاقته بالشفيع، وتغيير لإِرادتهم العقوبة بإرادة العفو، والباعث لهم على التشفيع الرغبة في موافقة الشفيع أو الرهبة من مخالفته، وكل ذلك ينادي بقصور علمهم وضعف إرادتهم وعجزهم عن الاستقلال بتدبير مملكتهم، وهذه سيما الحدوث الشاهدة بانفراد الله بالكمال المطلق.
• الشفاعة الشركية:
والشفاعة إلى الملوك هي عند التأمل الصائب مشاركة لهم من الشفعاء في الملك، فمن قاس الشفاعة إلى الله عليها؛ فقد أشرك بالله، ووصفه بما يتنزه عنه، كما نطقت بذلك آية:{قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[يونس: ١٨]، ودلت عليه الآية الجامعة لنفي أقسام الشرك؛ إذ قال إثرها. {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ: ٢٣].
وهذا وجه الجمع بين ما جاء في إثبات الشفاعة ونفيها، وأن المثبت منها هي الشرعية، والمنفي هي الشركية.
وبه تعلم مراد الدعاة المرشدين في تحذير العامة من الاتكال على الشفاعة والتقرب إلى من تراهم من أهلها، فلم ينكروا عليك أصل اعتقاد الشفاعة، وإنما حذروك من الاعتقاد الفاسد الذي صحبها.
• شرك القبوريين والطرقيين:
قال في " صيانة الإِنسان " نقلاً عن الشوكاني: " إن الرزية كل الرزية والبلية كل البلية أمر غير ما ذكرنا من التوسل المجرد والتشفع بمن له الشفاعة، وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام وبعض الخواص في أهل القبور وفي المعروفين