يرسخ في نفوس العامة الحذر منه والابتعاد من وسائله، ولا يفقد المتأخر نص من قبله في جزئية من ذلك.
• نتيجة إهمال الكلام في الشرك:
نتج عن قلة الخوض في هذا الموضوع: أن صار الشرك أخفى المعاصي معنى، وإن كان أجلاها حكماً؛ فلظهور حكمه، وكونه من الضروريات، ترى المسلمين عامتهم يتبرؤون منه، ويغضبون كل الغضب إن نسبوا إليه، ولخفاء معناه؛ وقع من وقع منهم فيه، وهم لا يشعرون؛ ثم وجدوا من أدعياء العلم من يسمي لهم عقائد الشرك وأعماله بأسماء تدخل في عقائد الإِسلام وأعماله، ثم يدافع عنهم، ويحشرهم في زمرة أهل السنة، ويشنع على العلماء الناصحين، حتى إنه ليخيل إليك أن العامي الواقع في حمأة الشرك جهلًا واغتراراً أقرب إلى السنة والاستقامة من أولئك العلماء النصحاء المؤتسين برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن خبرة وصدق.
• الجمود على المنطق اليوناني:
وعني علماء الكلام ببيان عقائد الإِسلام، وسلكوا في التدليل عليها سبيل المنطق اليوناني، ثم جمد المتأخرون على هذا الأسلوب، وحادوا عن بيان القرآن؛ فخفي على الناس ما هو شرك أو سبب إليه.
وقد قال الشيخ السنوسي في " شرح صغراه " معللًا وجه ذكر الصفات الواجبة والمستحيلة على التفصيل ما نصه: " لأنه لو استغني فيها بالعام عن الخاص، وبالملزوم عن اللازم، لكان ذلك ذريعة إلى جهل كثير منها، لخفاء اللوازم، وعسر إدخال الجزئيات تحت كلياتها، وخطر الجهل في هذا العلم عظيم؛ فينبغي الاعتناء فيه بمزيد الإِيضاح على قدر الإِمكان، والاحتياط البليغ؛ لتحلية القلوب بيواقيت الإِيمان ".