النقطة الثانية: حصر الولاية فيمن كان على شاكلتهم ومن ذريتهم، ولَو كان حظه من العلم الأمية ومن العمل الإِباحية.
والمعتقدون فيهم يجيبون عن جهلهم بحديث (٢٣٦): " مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلِيٍّ جَاهِلٍ وَلَوِ اتَّخَذَهُ لَعَلَّمَهُ "، ويدافعون عن منكراتهم بأن شريبهم إنما يشرب عسلاً، أو أنه يطفئ من نور الولاية الشديد غلّته، وبأن زانيهم إنما زناه صورة خيالية يمتحن بها أهل المرأة ومبلغ عقيدتهم فيه، ويعبرون عن ذلك بقولهم:" الشيخ يفسد النية ".
فأما أن الخمر تعود عسلًا، فمن البلادة الكثيفة، وقد تقدم في فصل الذبائح عن " الموافقات " أن تناول المباح يتعين أن يكون على الوجه المشروع لا تشبه فيه بالمحظور، وأما أن الشريب يطفئ من نور الولاية؛ فصحيح، وتكرر ذلك يخرج من ولاية الرحمن إلى ولاية الشيطان؛ فلا ترى له نوراً {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}[الحديد: ١٢]، قال تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين: ١٤].
وأما أن الزنى صورة خيالية؛ فإنكار للحس، وترويج للدياثة.
وأما الحديث؛ فليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما في " كشف الخفاء "(٣/ ١٨٠).
وتأوله في " الفتاوى الحديثية " من غير أن ينسبه للرسول بما لا يتفق ودعواهم لهم إيثار الجهل على العلم، فقال: " المراد الجاهل بالعلوم الوهبية
(٢٣٦) لا أصل له: انظر: " المقاصد الحسنة " (٩٤٠) للسخاوي، و " تمييز الطيب " (١١٨٢) لابن الدّيبع، و " كشف الخفاء " (٢/ ١٨٠) للعجلوني.