اثنان يتنازعان، فحلف أحدهما للآخر بسيده عبد الرحمن بن الحملاوي- شيخ من شيوخ الطريقة الرحمانية- قرب سقان، فتغير وجه المحلوف له، وأنكر على الحالف قائلًا: أليس الشيخ عالماً بما يجري الآن بيننا؟ قال محدثي: ظننته لأول سماع إنكاره أنه ينهاه عن الحلف بالمخلوق؛ فإذا هو يكبره عن الحلف به، ويشركه مع الله في غيبه!!
والحكايات في مثل هذه الضلالات مما لا تسعه المجلدات؛ فإن نسبة الغيب المطلق إلى الأولياء مما شاع وذاع، وملأ الحزن والقاع، وهو شرك بإجماع، وإنما حسنه الجهل، والقعود عن العلم حتى فقد طلابه، وتنوعت عقباته وصعابه، ولم يبق من أهله إلا من يدعي فقه الفروع على قلة وجمود.
• الفقه الأكبر:
أما الفقه الأكبر بالتفقه في الكتاب والسنة، وتصحيح العقائد والأعمال عليهما، وأخذ المواعظ منهما، فقد انقطع منذ أزمان من وطننا، حتى أحياه من ارتحلوا في طلبه ممن تكونت منهم جمعية العلماء، فكانت بهم للوطن توبة، عملوا فيها بآية التوبة:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة: ١٢٢].