ولضعاف الإِيمان وقليلي المعرفة وبسطاء العقول أمام الفريقين- أهل الآيات الغيبية وأصحاب الأسباب الخفية- موقفان:
أحدهما: اعتقاد أن ذواتهم مصدر لتلك الخوارق الحقيقية أو الوهمية؛ فلا يضيفونها إلى الله.
وثانيهما: اعتقاد أن لهم نفوذاً في إرادة الله وتحكماً في قدرته يستوجبان التوسط بهم إليه في تحصيل ما قصرت عنه الأسباب.
ومن اعتقد أحد هذين الاعتقادين؛ فقد اعتقد عقيدة الكلدان في الكواكب، أو عقيدة العرب في الأصنام، فكان مشركاً صرفاً، وإن أشبه الموحدين في شيء من أقوالهم وأفعالهم الدينية.
• التبرك:
وهنالك موقف ثالث مع ذينك الفريقين، وهو التبرك بآثارهم وأماكنهم، وما يضاف إليهم في حياتهم من نحو ثيابهم وحيواناتهم، أو ينسب إليهم بعد مماتهم من مثل تماثيلهم وأبنية قبابهم.
وليس هذا التبرك نفسه شركاً، ولكنه قد يكون ذريعة إليه، كما وقع لقوم نوح في التبرك بصالحيهم، وللعرب في التبرك بحجارة حرمهم، وتشابه الباعث على الوثنية في أمتين بينهما آلاف السنين، مما يبعث على الحذر من هذا التبرك، ويقوي الظن في اقتضائه للشرك.
• معنى التبرك:
ونحن نشرح مادة التبرك، ثم نقفي عليه بما جاء فيه إثباتاً ونفياً، ونعقبه بوجه الجمع بين الروايات.