غسل الأرضَ الطوفان من وضر الشرك والعصيان، فلم يبق يومئذ على وجهها إلا ناصع الإِيمان، ثم تعاقبت الأجيال، حتى حنت الطباع إلى معتاد الضلال، ففاء الشرك بعد الزوال، وأرسل الله المرسلين مبشرين ومنذرين، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ... }[يوسف: ١٠٣].
بعد الطوفان بأزمان ظهرت ببابل من أرض العراق أمة الكلدان التي منها النبط قوم إبراهيم عليه السلام، فكانوا يعرفون الله ويعبدونه ويشركون به الكواكب ويتخذون لها الأصنام تماثيل.
• الكلدان ومعارفهم:
قال صاعد بن أحمد في كتابه " طبقات الأمم ": " وكانت لهم علوم بأرصاد الكواكب، وتحقق بعلم أسرار الفلك، ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم وأحكامها وخواص المولدات وقواها، وهم نهجوا لأهل الشق الآخر من معمور الأرض الطريق إلى تدبير الهيكل لاستجلاب قوى الكواكب، وإظهار طبائعها، وطرح شعاعاتها عليها؛ بأنواع القرابين المؤلفة لها، وضروب التدابير المخصوصة بها،