جنس ما يقوله عند الصلاة عليه من الدعاء والترحم والاستغفار، فأبى المشركون إلّا دعاء الميت، والإِشراك به، والإِقسام على الله به، وسؤاله الحوائج، والاستعانة به، والتوجه إليه، بعكس هديه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت، وهدي هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت " (١/ ١٤٦).
• الاستمداد من الأرواح:
وقد يعبرون عن هذا الضرب من التبرك بالاستمداد من أرواح الصالحين، ويعتقدون أنهم أحياء في قبورهم؛ يتصرفون في العالم، ويقضون حاجات قاصديهم، ويستدل مستدلهم بما ورد في حياة الأرواح مما قدمنا أصحه وأصرحه، فيتخذون المزارات؛ يبنون عليها البناءات، ويرون أن روح الصالح فلان هنالك؛ إما لأنه دفن هنالك، أوجلس به.
بل تجد بناءات كثيرة على مزارات عديدة، كلها منسوبة للشيخ عبد القادر الجيلاني دفين بغداد رحمه الله، وهو لم يعرف تلك الأمكنة ولا سمع بها، وهذه المزارات الجيلانية تجدها غربي وطن الجزائر أكثر منها في شرقه.
أما أن يكون للصالح الواحد قبران؛ فهذا نعرفه لغير صالح، وأشهرهم بوطننا الشيخ محمد بن عبد الرحمن مؤسس الطريقة الرحمانية بمغربنا.
ومن مظاهر هذا التبرك الاستمدادي تقبيل الجدران والتمسح بالحيطان وكل ما يضاف إلى ذلك المكان، وكل هذا جهل وضلال؛ فإن توحيد الله متناول لتوحيد التوجه إليه والاستعانة به فيما لم ينصب له سبباً عاديّاً، وابن آدم- بلغ فضله ما بلغ- ليس له إلا التصرف المعتاد، ما دامت روحه بجسده في عالم الشهادة، ولا تأثير للأرواح التي في عالم الملكوت في شيء من عالم الملك، ومن عاند في ذلك؛ فجربه بأن تشتري منه أرضاً مثلاً بالدين؛ فإذا تقاضاك، فقل له: إن جدك الوالي الصالح الذي كان يملك هذه الأرض وورثتها عنه قد جاءتني