للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنزل به الملائكة على أحد، ولا علم غيب يجزم به قبل تحققه وارتفاع الغيب عنه.

• الكشف:

ولم يبق بعد بيان حكم الرؤيا والإِلهام إلا الكشف الذي كثر من يلفظ به ويردده، وقل من يفهمه أو يحدده.

وقد فسر القشيري في " رسالته " كلمة المكاشفة بعبارات غامضة، مرجعها إلى التمكن في العلم، حتى يصير النظري عند المكاشف في حكم الضروري.

ومثل في " الموافقات " للمكاشفات بالامتناع من تناول أشياء ظاهرها الجواز؛ كامتناع الشبلي من تناول التين من شجرة ببادية ظنها مواتاً، فأخبرته أنها مملوكة، وكندامة عباس بن المهتدي على التزوج بامرأة، فامتنع من البناء بها، وبعد ثلاثة أيام تبين أن لها زوجاً، وكما كان للحارث المحاسبي عرق في بعض أصابعه يتحرك إذا مد يده إلى ما فيه شبهة فيمتنع عنه (٢/ ٢٦٩).

ثم بين أن مثل هذه الحكايات يرجع إلى اجتناب حزاز القلب، لا إلى الحكم بعلم الغيب، وذلك لحديث وابصة بن معبد رضي الله عنه؛ قال: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: «جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» (٦٩). أخرجه أحمد والدارمي في


(٦٩) صحيح: أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٨)، والدارمي (٢/ ٢٤٥ - ٢٤٦) عن وابصة مرفوعاً، وأعلّه الحافظ ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " [ص:٢٣٦] بالضعف والانقطاع في إسناده، ثم قال: " وقد روي هذا الحديث عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه متعددة، وبعض طرقه جيدة ". ثم ذكر رحمه الله تعالى =

<<  <   >  >>