أبناؤهم، فجعلوا يرون ما يصنعونه به، وتناسلوا، ودرس أمر ذكرهم إياه، حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله ". قال: " وكان أول ما عبد غير الله في الأرض ود الصنم الذي سموه بود ".
• الجمع بين الأخبار في منشأ الشرك:
وبين بعض هذه الروايات اختلاف من أربع جهات:
إحداها: هل الذين مع ود أبناء له أم إخوة له؟
وليس لهذا الاختلاف أهمية؛ فإن العهد بعيد، والأعلام قد تتعدد، والمقصود على كل حال متحد.
ثانيتها: هل حدوث الأصنام وقع على عهد نوح كما تصرح به الرواية الثانية؟ أم قبله كما هو ظاهر الروايتين بعدها؟
ويمكن الجمع بأن من سميت بهم تلك الأصنام سابقون على نوح، وتسمية الأصنام بهم تأخرت إلى زمنه، فترجع الروايتان الثالثة والرابعة إلى الثانية، ولك أن ترجع الثانية إلى ما بعدها، بأن حدوث الأصنام كان قبل نوح، وإنما أضافته الرواية الثانية إلى عهده لما كان هو الذي عاب الأصنام وقبحها، وهذا الاحتمال الثاني أقرب؛ لأن الإِرسال لإِنكار الشرك إنما يكون بعد ذيوعه وانتشاره في الأمة وطول عهدهم بالتوحيد، ويتأيد ذلك بشدة إصرارهم عليه، مع لبث نوح في محاربته ألف سنة إلا خمسين عاماً.
ثالثتها: هل ابتداع التماثيل من برور الأبناء بالآباء كما في الرواية الثانية، أم من ولوع المريد بشيخه كما في الرواية الثالثة؟
وليس هذا من الاختلاف المتعارض، إذ يمكن حدوثه من الفريقين مجتمعين أو متعاقبين.