وتفقيهه لأتباعه سر النجاة وصرفهم إلى الثقة به عن الثقة بالله.
هذا معنى ما سمعته من كليب الهامل، ولم أقيد الحكاية حين السماع حتى أؤديها بلفظها وأصورها بنصها، ولم يسعني وأنا في مقام التحذير من الشرك اجتناب إدراج ما ينافي غرض الحاكي في الحكاية حتى تتم ثم أعلق عليها؛ لئلا يعلق بذهن القارئ شيء من الشرك، ولو إلى حين، ولم أميز المدرج في الحكاية؛ لأنه لا يخفى على العارف بحال المعارضين لدعاة الإِصلاح الديني.
يستدل الشيخ عاشور وأشباهه بأمثال هذه الحكاية على لزوم التعلق بشيوخ الزوايا وتوسيطهم بين العباد وربهم ناسخين بها نصوص الشريعة الكثيرة المحكمة، وتتلقفها منهم العامة بقلوبها، وتتمسك بها في الاحتجاج لإِيثار دعاء غير الله، وتعتقد أن ذلك أليق بحالها من أن تخاطب بنفسها أرحم الراحمين؛ سنة المشركين من قديم كما تقدم عن الكلدانيين.
• إعراض المبتدعين عن محكم الكتاب وصحيح السنة:
والحكاية العاشورية تدل على أن معتقدها أحط فكراً وأقبح جهلاً وأبعد كفراً من مشركي العرب، الذين يخلصون الدعاء لله في حال الشدة واضطراب الموج.
ولم يزل من يعظ الناس بنحو تلك الحكاية، ويغرس في القلوب ضريب تلك العقيدة، ولا يرجعون في تمحيص ذلك إلى الكتاب والسنة؛ فإن اضطروا إليهما؛ تمسكوا بمتشابه الكتاب؛ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وبضعيف الحديث المتداعي والموضوع الذي لا تحل روايته إلا للتحذير منه، وتلك عادة المبتدعين من قديم، لا يعنون بمحكم الذكر وصحيح الأثر، ولكن بالحكايات المختلقات والأضاليل الملفقات، فإن نصح لهم ناصح؛ رموه بخبال في الرأي أو ضلال في الفهم أو زيغ في العقد، لا عن حجة وبيان، ولكن ثقة بالذين