" وحرم حلف بغير الله؛ إلا أن يعظم شرعاً كولي فيكره، وإن قصد بـ: كالعزى التعظيم؛ فكفر ".
ونقل الحافظ في " الفتح " عن بعض أهل العلم أن من اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله؛ كان كافراً بذلك الاعتقاد، وإن اعتقد فيه من التعظيم ما يليق به؛ فلا يكفر (١١/ ٤٥٠).
وما نقله الحافظ تشهد له عباراتهم في تقييد التعظيم بالشرع، لأن معنى ذلك القيد أن يكون المعظم يستحق التعظيم في الشرع، وأن يكون التعظيم سالماً من الإِفراط المحظور، مقتصراً فيه على الحد المشروع.
• تحرير حكم اليمين بغير الله:
وخلاصة هذه النقول أن الاختلاف في حكم الحلف بغير الله إنما هو مع سلامة الحالف من تعظيم المخلوق تعظيماً من نوع تعظيم الخالق، وإن النهي حينئذ من فطام النفوس عن مألوفاتها الوثنية بالنظر لمن نشؤوا في الجاهلية، ومن سد الذرائع بالإِضافة إلى من نشؤوا في الإِسلام، فأما إن حل بالقلب تعظيم المخلوق كتعظيم الخالق؛ فجرى اللسان لذلك بتلك اليمين، وخشيت النفس في الحنث بها ما تخشاه في الحنث بالله؛ فهذه اليمين مظهر من مظاهر الشرك لا نزاع في ذلك- ولا شك.
• حالة العوام في أيمانهم:
نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بالمخلوق؛ فأبى أكثر الناس إلا الحلف به، وأغلظ في النهي، حتى بلغ به نهي الشرك والكفر، فأجروا هذه اليمين على ألسنتهم أكثر من اليمين بالله، وأمر من حلف بالله أن يصدق، فتلاعبوا باليمين الشرعية، واحترموا اليمين الشركية، وأمر من حُلف له بالله أن يرضى ويكل أمر الحالف إلى الله ... فلم يطمئنوا إلا للحلف بأوليائهم ... وهكذا تراهم