للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تلك الاحتمالات والأوجه التي قدمناها، وإنما يقصدون التوسط بفلان إلى الله في قضاء حاجتهم.

وقد كتب السيد رشيد رضا على " صيانة الإِنسان " [ص:٢٠٤] ما نصه: " إن المعلوم من حال هؤلاء المتوسلين بالأشخاص أنهم يتوسلون بذواتهم الممتازة بصفاتهم وأعمالهم المعروفة عنهم، لاعتقاد أن لهم تأثيراً في حصول المطلوب بالتوسل؛ إما بفعل الله تعالى لأجلهم، وإما بفعلهم أنفسهم مما يعدونه كرامة لهم، وقد سمعنا الأمرين منهم وممن يدافع عنهم، وكل من الأمرين باطل ".

• الأقوال في التوسل بالجاه:

والقصد إلى أحد ذينك الأمرين شرك؛ لأن التوحيد يقتضي أن لا فاعل مع الله ولا مؤثر في إرادة الله، ومن سلم من ذلك القصد؛ فهو بين الحظر والإِباحة؛ لأن العلماء اختلفوا في حكم التوسل بالجاه؛ فمن مانع ومن مجيز من غير تفصيل، وخص العز بن عبد السلام جواز التوسل بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن صح الحديث؛ قالوا: لعله يريد حديث الأعمى (١٣٩) الذي صححه الترمذي، ولكن من النقاد من أنكر تصحيحه، وقد بين صاحب " صيانة الإِنسان " ضعفه وضعف أحاديث أخر صححها الترمذي، وحديث الأعمى على ما فيه أصح ما في الباب؛ فينبغي بناء الأقوال الثلاثة عليه؛ فمن أطلق الجواز، قاس حالة عدم الدعاء من المتوسل به على وجود الدعاء منه، وألحق بقية الأنبياء والصالحين به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن أطلق المنع، وقف عند النص ولم يقس، ومن فصل؛ قاس عدم دعائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على دعائه، ولم يلحق بذاته غيرها.


(١٣٩) تقدم تخريجه برقم (١٢٦).

<<  <   >  >>