اخترعوا من ذلك ما لا شبهة له، فكانوا يعتقدون أن الشمس رب النار ونير الأرض، والسماء يدبر الملوك ويفيض عليهم روح الشجاعة والإِقدام، وينصر جندهم، ويخذل عدوهم، ويمزقه كل ممزق، ويعتقدون نحو ذلك في زحل، واسمه (بيني)، ويعتقدون أن مرداخ (وهو المشتري) شيخ الأرباب ورب العدل والأحكام، حافظ الأبواب التي يدخلها الخصوم لفصل الخصومات، وأن رنكال (وهو المريخ) كمي الأرباب ورب الصيد وسلطان الحرب، فهو يشترك مع زحل في تدبيره؛ إلا أن هذا هو المقدم في الصيد، وذلك المقدم في الحرب، وأن عشتار (أو: نانا، وهي الزهرة) ربة الغبطة والسعادة، ومفيضة السرور على الناس، وتمثل في الآثار بامرأة عارية، وأن نبو (وهو عطارد) رب العلم والحكمة " (٧/ ٥٧٠).
• عقائد الكلدان:
وقسم ابن حجر الهيتمي في " الزواجر " وأبو السعود في " تفسيره " الكلدانيين باعتبار عقائدهم إلى صابئة دهرية وإلى وثنية مشركة، ثم الوثنيون على طبقتين، فكانوا ثلاث فرق:
الأولى: تقول بقدم الكواكب والأفلاك، وأنها المدبرة لعالم الكون والفساد، وغنية عن الخالق المدبر.
والثانية: تقول بألوهيتها وتأثيرها في الحوادث بأنفسها.
والثالثة: تقول بحدوثها، وأن لها فاعلًا مختاراً، ولكن منحها النفوذ في العالم، وفوض تدبيره إليها.
• موازنة بين شرك الكلدان وقوم نوح:
تطور الشرك عند الكلدانيين؛ فبعد أن كان بسيطاً مستمدّاً من حسن الظن