إذا كان الاحتياج إلى معرفة الشرك شديداً، كان تعريف الناس به أمراً لازماً أكيداً، وإذا كان الباعث على هذا التعريف إقامة العقيدة؛ فهو من النصيحة المفيدة الحميدة، وليس الإِرشاد إلى الخير النافع بأولى من التنبيه على الباطل الضار، بل كلاهما غرض حسن وسَنن، لا يعدل عنه الساعون في خير سُنن، وهذا ما حمل المصلحين المجددين على الاهتمام بدعوة المسلمين إلى إقامة التوحيد وتخليصه من خيالات المشركين.
• تشنيع المشاغبين:
وما رفعنا صوتنا بتلك الدعوة؛ حتى ثارت علينا زوابع ممن سلكوا للشرك كل الذرائع، وشوهوا للعامة غرضنا الحميد بما يجدون الجزاء عنه يوم الوعيد، ومن أقوى ما لبسوا به على العموم، ومدوا به صخب الخصوم: رميهم لنا بأنا نحكم على المسلمين بحكم المشركين، ثم ينتصبون للدفاع؛ محافظة على غفلة الأتباع، الذين ينتفعون منهم بكل وجوه الانتفاع، ولكن قذف الله بالحق على الباطل بعيد الأثر، وسنته في ظهور المصلحين على المعاندين قديمة في البشر.