الإِصلاح على التغلب في ميدان الكفاح؛ إلا أن يصدر عن نفس تثبت للعوادي التي تتزلزل لها الرواسي، وتدفع عنها عدوى الأدناس ولو اختلطت بكل الناس، ثم يقوم على أصول مجلوة كتلك النفس ثباتاً وقوة، لا تبلي الأيام جدتها، ولا تنهي الطبيعة مدتها، بل تصبو إليها العقول في رقيها، ولا تنبو هي عن الأذهان في هويها.
• رسالة خاتم النبيين:
ولقد منَّ الرب الرحيم القادر الحليم بتلك النفس، فكانت نفس محمد الفذة في الطهارة والقدس، وبتلك الأصول المجلوة، فكانت آيات الكتاب المتلوة، هنالك نهض الإِصلاح نهضته، وأبلغ العالم دعوته؛ فسمع الأصم نبراته، وأبصر الأعمى آياته.
ولم تزل سيرة ذلك الرسول هي السيرة الراقية، ولم تزل حجة ذلك الكتاب هي الحجة الباقية، {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة: ٢].